للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسألة: هل هناك أحكام في الشرع لكل نازلة تحدث؟]

هذا يجرنا إلى مسألة مهمة جداً تبحث دائماً في فقه النوازل، هي: هل لله عز وجل حكم في كل مسألة من المسائل حتى لو كانت مستحدثة؟ أي: هل الشرع -القرآن والسنة- نصوصه محددة، أم تشمل كل ما يحصل من نوازل إلى يوم القيامة؟ ولا شك أن جمهور أهل العلم -وهو الإجماع- على: أن لله عز وجل في كل قضية وفي كل مسألة من المسائل حكماً بينه للناس، قد يصل إليه بعض الناس ويصيبون الحق فيه، وقد يخطئ بعض الناس في الوصول إليه، وقد ينحرف بعض الناس عنه انحرافاً كاملاً، وروي عن بعض الأصوليين مثل الباقلاني: أنه ليس هناك أحكاماً في كل أمر من النوازل، واستدل عليه بأن النصوص متناهية والنوازل غير متناهية، ولا شك أن هذا استدلال باطل؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم بعد إكمال الدين أفتوا في أمور نازلة جديدة لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا علماء الدين الراسخين في العلم فقد أفتوا في أمور كثيرة لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

والأمر الثاني: العموم في النصوص يشمل ما لا حصر له من الأفراد التي تدخل في نطاق اللفظ العام، والقياس باب من أبواب الدين العظيمة أيضاً، حيث تقاس الأمور الجديدة على الأمور الشرعية القديمة وهكذا.

إن أصول الاستنباط والاستدلال جعلت من هذه الشريعة شاملة لكل أمر وإلى يوم القيامة، وفي كل زمن مهما تغيرت أحواله وظروفه وأوضاعه.

إذاً: هناك نوازل عقدية ينبغي أن نفهم ما هو الفقه الشرعي في التعامل معها؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتعلم الأحكام الشرعية فيما يتعلق بمثل هذه النوازل؟ بداية سنذكر مقدمة عامة حول فقه النوازل بشكل عام، ثم سنتحدث عن قواعد مخصصة بالفقه العقدي في النوازل تجعل طالب العلم يحسن التعامل مع مثل هذه النوازل، ويتوصل فيها إلى نتائج صحيحة موافقة لمنهج أهل السنة والجماعة، ثم سنتحدث عن تطبيقات لهذا الفقه، وقد لا يهمنا كثيراً أن نصل إلى نتائج فيما يتعلق بهذه المسائل، لكن الذي يهمنا هو أن نفهم كيفية التفقه والتعلم في التعامل مع هذه المشكلات، بالذات أن الواقع الذي نعايشه جعل بعض المسائل المتعلقة بقضايا فقهية -في الأصل- تتحول إلى قضايا عقدية.

<<  <  ج: ص:  >  >>