للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهج أهل السنة هو المنهج الصحيح في دراسة العقيدة]

القاعدة الأولى: هي أن المنهج الصحيح في دراسة العقيدة هو منهج أهل السنة والجماعة، وبطلان كافة المناهج سواه: وهذه القاعدة هي بمثابة المدخل للتعامل مع قضية النوازل، فالمنهج الصحيح في التعامل مع النوازل هو: اعتماد منهج أهل السنة والجماعة من حيث مصدر التلقي ومن حيث منهج الاستدلال والاستنباط والتعامل مع الأحكام والمسائل، فهناك منهج فريد وهو الحق مع النوازل، وما سواه فهو الباطل، وهو منهج أهل السنة والجماعة؛ لأن النوازل يتعرض للحديث عنها كافة أصحاب الفرق الضالة والمناهج المختلفة، ولهذا لابد من اعتماد منهج أهل السنة في التعامل مع النوازل الحادثة.

وأضرب لذلك أمثلة؛ حتى يتبين الفرق بين منهج أهل السنة ومنهج من سواهم فيما يتعلق بالنوازل العقدية الحادثة: المثال الذي ضُرب سابقاً، وهو الباقعة والكارثة الكبرى التي حلت بالمسلمين بعد سقوط الدولة العثمانية: وهي القوانين الوضعية التي أصبحت مصدر الحكم والقضاء في أكثر البلاد الإسلامية، هذه القوانين الوضعية تعاملت مع الحكم عليها كنازلة جديدة كافة المذاهب المختلفة.

وسبق أن أشرنا إلى أن هذا الموضوع له جوانب متعددة: أولاً: الحكم على القانون الوضعي، ثم الحكم على الدول التي تطبقه، ثم الحكم على الشعوب التي تعيش في هذه الدول، ثم الحكم على الدار، ثم الحكم أيضاً على قضية الذهاب إلى هذه المحاكم المنصوبة في كل مكان لتحكيم القوانين التي تسمى بالقوانين المدنية، فهذه مسائل متعددة وكثيرة تتعامل معها كافة الفرق المختلفة، ونضرب لذلك أمثلة: فالخوارج مثلاً تعاملوا مع قضية القوانين الوضعية بالقول بأن تطبيقها كفر، وقالوا: بأن الدولة التي تطبق هذه القوانين كافرة، وقالوا: بأن كل من يعيش في سلك هذه الدولة الكافرة فهو كافر، ثم قالوا: إن الشعوب التي تسكت عن القوانين الوضعية كافرة أيضاً، وبناءً على ذلك الذهاب إلى المحاكم من الكفر المخرج من الملة، وبناءً على ذلك فكل من لم يكفر هذه الدولة وهذه الشعوب التي سكتت عن هذا الكفر فهو كافر، وتوصلوا في نهاية الأمر إلى أن جماعتهم هي جماعة المسلمين، وهي الجماعة الوحيدة المسلمة، وأما ما عداها فهي جماعات كافرة.

وترتب على هذا أن الأشخاص المجهولين الذين لا يعرف وضعهم الأصل فيهم الكفر حتى يتبين أنهم مسلمون، وطبعاً ليس كل الأمة يمكن أن تستنطق في الحكم والموقف من موضوع القوانين الوضعية أو موضوع الحاكم أو موضوع الشعوب أو موضوع التحاكم وغير ذلك من المسائل التي سبق أن أشرنا إليها، فقالوا: إن هؤلاء المجهولين الأصل فيهم الكفر حتى يتبين أنهم مسلمون بإعلانهم أن هذه القوانين كفر، وأن الحاكم الذي يحكمها كافر وأن الشعوب الساكتة كافرة، وأن الذهاب إلى هذه المحاكم كفر، وغير ذلك من الأمور التي تبعت هذا الأمر.

واستلزم هذا أنهم لا يصلون خلف الأئمة الذين يصلون في المساجد، حتى يتبينوا أن هذا الإمام يكفر الحاكم المعين الذي كفروه؛ بناءً على تطبيقه للقوانين الوضعية.

وترتب على هذا أنهم لا يشترون من الجزار الذي لم يتبين حاله في كونه يكفر الحاكم ويكفر الشعوب التي تتحاكم أو التي سكتت عن هذه القوانين.

وترتب على هذا أنهم يكفرون الطلاب في الجامعات وغيرهم ممن دخل في سلك هذه الدولة وتعامل معها! وهذا منهج منهج ضال منحرف، وهو منهج قديم لكنه تعامل مع حادثة ونازلة شديدة، وهذه النازلة والحادثة عمت كثيراً من البلاد الإسلامية وابتليت بها، وهذا هو تصورها عن التعامل والحكم مع هذه النازلة وما يترتب عليها من لوازم.

وقد تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الفرقة وقد ثبت فيها عشرة أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: منها: وصفه إياهم بأنهم كلاب أهل النار.

ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام: (يأتي قوم سفهاء الأحلام، تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).

ونحو ذلك من الأحاديث الواردة: وهي في صحيح البخاري ومسلم وفي غيرها من كتب السنن.

وهناك أحاديث أخرى في ذم الخوارج ونقدهم والأمر بقتالهم، وهذه قضية مهمة، فإن الأمر بقتالهم ورد في أحاديث صريحة، وهي من أصرح الأحاديث، بل هي أصرح الأحاديث الواردة في الفرق، يعني: لا يوجد أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم عن الفرق أوضح وأصرح وأصح من الأحاديث الواردة في الخوارج، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فاقتلوهم قتل عاد).

وجاء أيضاً في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنهم يخرجون على حين فرقة)، وهذا الذي حصل في زمن الفتنة التي وقعت بين الصحابة، قال: (يخرجون على حين فرقة من الناس)، وذكر أن من قاتلهم من خير من وطئت قدمه أديم الأرض، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

فهذا المنهج منهج منحرف، وهو منهج يولد حالة مأساوية عند صاحبها، فيجد أنه في مفترق الطرق: إما أن يعيش وحيداً حتى مع أولاده ومع زوجته ومع بناته ومع جيرانه، وإما أن يضطر لل

<<  <  ج: ص:  >  >>