للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البناء العقدي السليم للأسرة المسلمة]

أول نقطة في هذه المسألة: البناء العقدي للأسرة أي: بناء العقيدة السليمة داخل الأسرة، وهذه قضية التركيز فيها بالنسبة لنا نادر أو ضعيف أو غير موجود، فمثلاً: من منا يحدث أولاده وزوجته وإخوانه عن عظمة الله سبحانه وتعالى؟ من منا جمع أولاده وبدأ يحدثهم عن قوة الله وعن رحمة الله وعن كرم الله، وأخذ أسماء الله وصفاته وبدأ يبحث عن آثار هذه الأسماء على ذاته وعلى أولاده؟ لا أحد إلا ما رحم الله.

من منا جلس مع أولاده أو مع إخوته وبدأ يحدثهم عن أهوال يوم القيامة وعن اليوم الآخر وعن الموت وعن عذاب القبر وما فيه، وعن حياة البرزخ وعن حسن الخاتمة وسوئها؟ من منا فعل ذلك مع أولاده؟ لا أدري.

من منا حدث أولاده بأمور يفقهونها عن عظمة خلق الله في جسد الإنسان، قال سبحانه: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢١]؟! من منا حدث أولاده عن قلب الإنسان وكيف يعمل؟ وعن الكلية وكيف تعمل؟ وعن الدم وما هي وظائفه؟ لا تحدثه بطريقة طبية، لكن اربط ذلك بقوله تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢٠ - ٢١].

عندما تقول لهذا الطفل: إن جسد الإنسان ينتج في الثانية الواحدة خمسة وعشرين مليون كرة دم حمراء ويهلك في نفس الثانية خمسة وعشرين مليون كرة دم حمراء.

عندما تقول لهذا الابن هذا الكلام تحسسه فعلاً بعظمة الله.

والإنسان لا يستطيع أن يزيد هذه الكمية كرة دم واحدة ولا أن ينقصها كرة دم واحدة، بل إذا زادت أصيب الدم بالثقل، وإذا نقصت أصيب الدم بالتكسر، أي: أن الكريات فيها تعادل وتوازن عجيب جداً، وكل ذلك ينطبق عليه قول الله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان:١١] وينطبق عليه كذلك صنع الله الذي أتقن كل شيء.

وأعطيتك هذا المثال لكي تحسس هذا الابن بهذه العظمة، من خلال ما يستطيع أن يتصوره من أشياء معايشة مرئية مشاهدة، وهي الدم.

إذاً: البناء العقدي من المهمات التي ينبغي أن يركز عليها دائماً وينتبه لها دائماً، وينبغي أن تربط هذا البناء العقدي بالعمل، فأنت عندما تأمر طفلك بأداء الصلاة تأمره أن يصلي لله الذي حدثتهم عن عظمته وعن كرمه ورحمته ومغفرته وجوده، وعن عذابه وعظيم عقابه.

فإذاً: سيستشعر الابن عندما يقف في الصف ليصلي أنه يقف أمام الله، وهذه مسألة للأسف الشديد قد لا يشعر بها حتى الكبار.

<<  <  ج: ص:  >  >>