للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوثيقة الأولى عن مقاتلة اليهود للمسلمين]

ننتقل إلى الوقفات التي أستطيع أن أسميها حقائق أو وثائق: أما الحقيقة الأولى، أو الوثيقة الأولى فسأذكرها، ثم سأخرج منها الدروس والعبر، هذه الدروس والعبر قد تتباين فيها وجهات النظر، فالحقائق والاستنتاجات كل يستنتج بحسب ما يعلم، وبحسب ما يعرف.

أما الحقيقة الأولى أو الوثيقة الأولى فتقول: يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تقاتلون اليهود -وفي رواية: الكفار، وفي رواية: المشركين- أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه، حتى إن الشجر والحجر ليقول: يا مسلم! خلفي يهودي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر يهود)، والكل يسمع بهذا الحديث، لكن وللأسف الشديد نحن أمة لا تقرأ، وإذا قرأنا لا نفهم، وإذا فهمنا لا نحلل هذه المقولة ليست مني وللأسف الشديد، وتمنيت أنها مني فعلاً، لكن الذي قالها رجل عبقري، على الرغم من أنه عدو إلا أنه عبقري، إنه موشي ديان، وكان رئيساً لوزارة الحرب عام (١٩٦٧م) وهو الذي قاد الجيوش التي احتلت القدس الشرقية والجولان والضفة وسيناء هذا الرجل يتميز بأنه عربي مجيد للغة العربية، بل وأديب، بل -وللأسف- وشاعر، هذا الرجل هو الذي قال هذا الكلام.

قال: لأنني عندما دخلت هذه المناطق كانت الصحف الإسرائيلية قبل شهر تقريباً من المعركة تتحدث عن المعركة كأنها تقع في هذه اللحظة ومع ذلك لم يستفد منها العرب في أي صورة من الصور.

نرجع إلى كلامنا هذا فنقول هذا الحديث يقول: (تقاتلون اليهود) يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين فلا يصح أن نضع إلى جانب هذا الكلام كلمة السلام الدائم، ومعنى كلمة السلام الدائم: المستمر المتواصل الغير منقطع أبداً، فلا يوجد سلام دائم، ممكن أن يكون هناك سلام مؤقتاً وليس دائماً.

هذا يجرنا إلى جزئية ليست من الحديث: عندما يكون العرب وبعض من يمثل السياسية العربية يقول: السلام العادل، يقولون: السلام العادل هو بأن ترجع إسرائيل إلى حدود عام (١٩٦٧م)، بمعنى أنها تنسحب من الضفة ومن غزة ومن الجولان، وتنسحب من المسجد الأقصى ومسجد الصخرة، وترجع إلى منطقتها التي كانت تعيش فيها عام (١٩٦٧م)، معنى هذا: إقرار بأننا سلّمناهم منطقة من العالم الإسلامي، وكأننا نسمع يافا تقول: وا إسلاماه، ونسمع عكا تصيح وتقول: وا إسلاماه، ونسمع عسقلان تصيح وتقول لنا: وا إسلاماه، وهكذا حيفا وغيرها تصيح وتبكي وتقول: وا إسلاماه! فنحن رضينا بذلك؛ لأننا عندما نقول: انسحاب كأننا نوقع على التسيلم الكلي؛ وهذا أمر ينبغي أن ينتبه له.

الاستنتاج الثاني من الحقيقة الأولى: على مجلس الوزراء أو ما يسمى الكنيست الإسرائيلي لوحة مرسوم عليها خريطة، هذه الخريطة تقول: دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل، والحديث يقول: (تقاتلون اليهود أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه) يعني: في الضفة الغربية، معنى هذا أن إسرائيل لن تتجاوز منطقة الضفة الغربية، ولن تتجاوز الأردن وسوريا، والعراق، وتذهب إلى سيناء مرة ثانية، ثم تحتل جزءاً كبيراً من مصر؛ قد يحصل تطور لليهود ودخول هذه المناطق لكن لن يستمر، ولو حصل سيرجعون إلى مكانهم الذي حدده الحديث، ولكن الواقع الحالي يدل على أنهم لن يتمكنوا من مضاعفة مساحة بلدهم أكثر مما هي عليه الآن.

الحديث يقول: (تقاتلون اليهود أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه) أي: في الضفة الغربية لنهر الأردن، والضفة الغربية الآن تشكل دولة الحكم الذاتي الفلسطيني.

والفلسطينيون العرب عموماً يطالبون بإقامة دولة تتمتع بحكم ذاتي في فلسطين لمدة معينة من الزمن، ثم بعد ذلك ينتقل الأمر إلى دولة تتمتع باستقلال كلي دائم، وهذا الحديث يعارض ذلك، فالجيش اليهودي سيكون في الضفة، والدولة إن وجدت فهي دولة هشة، وسرعان ما يكتسحها الجيش ليستعد لمجابهة المسلمين في نهر الأردن، أو بجانب نهر الأردن.

وقفة أخرى يقول في آخر الحديث: (حتى إن الشجر والحجر يقول: يا مسلم! خلفي يهودي تعال فاقتله) هذا يدل على جبن اليهود، وخوفهم، ورعبهم، فهم يختفون خلف الأشجار والأحجار يخافون من الموت (إلا الغرقد) ولذلك تجد أشجار الغرقد كثيرة جداً في إسرائيل الآن، وهذه سنشير إليها في حقيقة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>