للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كيفية التدرج في علم العقيدة للمبتدئين]

السؤال

كيف يمكن التدرج في تعلم العقيدة بالنسبة للمبتدئ في طلب العلم؟ وهل يمكن أن تخبرنا أو ترشدنا إلى كتب للقراءة والحفظ، والتدرج فيها من السهل إلى الصعب؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب

مسائل العقيدة أو دراسة العقيدة هي مثل الرياضيات إن صح التعبير، الرياضيات تحتاج إلى تفهيم وإلى شرح، وإلى فهم وإلى دراسة متدرجة شيئاً فشيئاً، يعني: لا تستطيع أن تحل مسائل معقدة إلا بعد أن تحفظ جدول الضرب، فإذا لم تحفظ جدول الضرب لن تستطيع حل هذه المسائل؛ لذلك تجد أن هناك تدرجاً.

نفس العملية بالنسبة لمجال العقيدة، يحتاج الأمر بك إلى أن تأخذ الأمر بطريقة تدريجية واحدة تلو الأخرى، وأبرز نظام لفهم العقيدة بشكل كلي هو: التدرج مع المشايخ وطلبة العلم عن طريق أن تبدأ معه منذ الصفر، وتتابعه شيئاً فشيئاً وتعلق، ولا تأتي مثلاً وتستمع فقط، لا، تأتي لتعلق وتستمع، ثم بعد ذلك تذهب إلى البيت لتحفظ وتستفيد، وبركة المسجد إن شاء الله قد حلت عليك، لكن لتعلم أن العلم صيد، والكتابة قيد، فالصيد هنا سيفر منك، فإذا لم تقيده وتسجله وتحفظه في الصدر فإنه سيزول وينتهي ويضيع، وبالتالي لا بد أن تراجع نفسك مثلاً بعد فترة من الزمن، فعندما تستمع إلى درس في العقيدة أو غير ذلك فستجد كأنك لم تحضر هذا الدرس، وكأنه غريب عليك؛ لأنك لم تجلس مع ما سجلته في بيتك لمراجعته ومدارسته شيئاً فشيئاً، وتركيزه في الذهن شيئاً فشيئاً.

الشيخ عبد العزيز بن باز الآن يأتي بعض الطلبة إليه يقرءون عليه كتباً، وتصوروا أن الكتب التي تقرأ على الشيخ بعض منها يحفظه حفظاً كاملاً من أوله إلى آخره، ومع ذلك يقرءون عليه؛ لأنه إذا لم يقرأ عليه اليوم وبكرة وبعد سنة وسنتين فإنه سيضيع.

فقضية ترداد العلم والمعلومات في الذهن وتكريرها فهذا يثبتها، وكذلك بالنسبة لحفظ القرآن قد يعزم يوماً على حفظ سورة البقرة، فيحفظها، لكن بعد الحفظ يتوانى عن مراجعتها، وبعد شهر أو شهرين وإذا هي قد تفلتت، وهكذا طبق ذلك على بقية العلوم.

بالنسبة للكتب: هناك كتب كثيرة جداً ومختلفة، فهناك كتب تناقش مسائل توحيد الألوهية، ومسائل توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وكتب تجمع بين هذا وهذا، وكتب تناقش مسائل أركان الإيمان وما يتعلق بها.

فأنت حسب مقدرتك وعلمك وفقهك، لكن أنصح في هذا أولاً: بالاستماع إلى الأشرطة الموجودة في السوق حول مسائل العقيدة.

فهناك أشرطة كثيرة جداً في مسائل العقيدة للشيخ محمد بن عثيمين، وكذلك الشيخ سفر وسماحة الشيخ: عبد العزيز.

إذاً: هذه الأشرطة أحياناً تأتي بالتدرج، فممكن تسمعها وتستفيد منها، وهناك كتب مبسطة وسهلة تستطيع أن تسير معها بالتدرج من أمثال الكتيبات الصغيرة التي تبسط العقيدة، كالتوحيد للناشئة، وهناك كتاب التوحيد، وأنت لا تقل أنك من الناشئة، لكن لا تحصر المسألة، خذها واقرأ ما فيها واهضمها، ثم بعد ذلك تدرج إلى غيرها من الكتب.

خذ مثلاً كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وشروحه، ثم بعد ذلك اقرأ هذه الشروح شيئاً فشيئاً فستجد في ذلك فائدة كبيرة، ثم بعد ذلك انتقل إلى الكتب الأخرى المتعلقة بتوحيد الربوبية والأسماء والصفات، وأركان الإيمان من أمثال: شرح العقيدة الطحاوية، ومن أمثال معارج القبول وما يتعلق بها، فستجد في ذلك الفوائد الكثيرة.

أقول لك: إن كتب العقيدة كثيرة جداً، والأولى والأصل في ذلك أن ترتبط بأحد طلبة العلم أو المشايخ الكبار ارتباطاً دائماً، وهذا سينقلك بالتدرج مع كتب العقيدة إلى أن تهضم الصغير؛ لتنتقل بعد ذلك إلى الكبير، ثم الأكبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>