للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً الإذابة والمسخ والانصهار

أما النقطة الثالثة من المناهج فهي: الإذابة والمسخ والانصهار، ولعل هذه الحديث عنها يطول، لكن أضرب لها مثالين أو ثلاثة أمثلة.

الإذابة والمسخ والانصهار فيما يرتبط بالجانب الفكري والمسائل الفكرية، وذلك عن طريق القضاء على كل ما يمس الجانب الغربي أو النصراني أو اليهودي أو الاستعمار، وذلك عن طريق ذم هذا المنهاج الذي يتحدث عن ذلك، ثم حذف هذا المنهاج من جميع وسائل الوعي التي تبث على الناس، سواء كانت إعلاماً أو تعليماً أو غير ذلك، وحتى الخطب والمحاضرات وغيرها لا تتحدث عن هؤلاء، لا تتكلم عن اليهود، ولا تسب النصارى، ولا تفعل ولا تفعل وهذا أمر واضح بالنسبة لكم، فهنا مسألة إذابة تجهيزية، والقضية ربما لا يدركها أهل الجيل الأول، أو أهل جيل معين، لكن التخطيط يأخذ طابع الأجيال المتلاحقة والمتتابعة، فقد قال مثلاً: تيودور هرتزل الزعيم الصهيوني المعروف في عام (١٨٩٨م) في سويسرا: يجب علينا إعلان دولة إسرائيل بعد (٥٠) سنة.

فهو لا يرجم بالغيب ولا يعلمه، ولكنه يخطط ويبذل، وهو عندما قال هذا الكلام هو يعرف أنه سيموت، لكنه يعرف أن هناك أجيالاً لاحقةً ستحمل الراية وتواصل المشوار، وفعلاً هذا الذي حصل، أعلنت دولة إسرائيل عام (١٩٤٨م)، وهذا منهج استخدمه هذا الرجل وأتباع هذا الرجل في سبيل الوصول إلى هدفه، وحققوا الهدف عن طريق تذليل الصعاب للوصول إلى هذا الهدف.

فأقول: إن الإذابة والمسخ والانصهار لا تأخذ طابع المفاجأة، يعني: لا يضغطون على الناس ويطالبونهم بأن ينصهروا في بوتقة الغرب مباشرة، بل هي قضية تدريجية شيئاً فشيئاً، بطريقة مرتبة ومنظمة ودقيقة، وفي نهاية المطاف ستجد أن النتيجة قد وصلت إلى ما تعرفون، ومثال ذلك: قبل عشرين سنة أو ثلاثين سنة أول ما فتح التلفاز عندنا هنا، لو ظهر منه صورة امرأة كما يظهر في التلفاز الآن ممثلة كاشفة الوجه والشعر والذراعين والساقين بل والفخذين، فماذا سيحصل؟ سيثور المجتمع بأكمله من أوله إلى آخره، سيثورون، لم؟ لأن هذا منظر رهيب لا يعرفونه ولم يتعودوه، وبالتالي يفشل المخطط، لكن الذي حصل أن التلفاز بدأ القضية بالتدريج: صوت امرأة، كف امرأة، أصابع امرأة في البيت السعيد، شيئاً فشيئاً، تخرج المرأة متحجبة ليس فيها من الأصباغ شيء، شيئاً فشيئاً حتى وصل الأمر إلى ما ترون.

فأقول: إن هذا منهج وللأسف الشديد خطير للغاية، ولا بد من الانتباه لهذا المنهج.

النقطة الثانية: الإذابة والمسخ والانصهار الاجتماعي فيما يرتبط بإفساد الأسرة، والأسرة كما تعرفون هي عماد المجتمع، وهي عماد الأمة، فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع؛ ولذلك ركز الغرب أو بالأحرى ركزت الدول الشيوعية على مسألة الأسرة، وعرفت أن الأسرة إذا كانت صالحة فإن المناهج الشيوعية لن تنجح، وبالتالي نخروا في أسس هذه الأسرة إلى أن تهاوت، ثم بدءوا في تلقف هؤلاء الضائعين من أولاد وبنات، وبدءوا يلقنونهم التعاليم الشيوعية، ونجحت الشيوعية في ذلك فترة من الزمن إلى أن تهاوت وانتهت.

<<  <  ج: ص:  >  >>