للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طرق علاج قسوة القلب]

السؤال

هذا يسأل عن قسوة القلوب ومسألة علاجها، ومسألة النظر فيها؟

الجواب

القلب الذي في الصدر ينقسم إلى قسمين اثنين: قلب محسوس ملموس، مهمة هذا القلب دفع الدم، والمحافظة على الجسد ومده بالغذاء، وتنمية الخلايا وغيرها.

أما القلب غير المحسوس فهو القلب الذي إذا أحسست بألم أحسست به في صدرك، إذا أحسست بفرح أحسست به في صدرك، إذا أحسست بخوف أحسست به في صدرك، إلى غير ذلك، هذا هو القلب الذي يقسو وهو القلب الذي يلين.

وهذا القلب له درجات، وهذه الدرجات تستطيع أنت أيها الإنسان أن تصعدها أو تنزل فيها، كلما ارتقيت درجة رق قلبك، وكلما نزلت درجة قسا هذا القلب، هذا القلب الذي يلين ويقسو مرتبط بالجوارح، مرتبط باللسان وباليدين وبالرجلين، فإذا عملت عملاً صالحاً ارتقيت درجة، وإذا عملت عملاً فاسداً نزلت درجة، إذا قلت قولاً فاسداً نزلت درجة، وإذا قلت قولاً صالحاً ارتقيت درجة.

إذاً: القضية في يدك وأنت الذي تمسك بزمامها، فعليك في هذه الحالة إذا أردت أن تعالج هذا القلب أن تبحث عن العلاج، عليك أن توجد هذا العلاج، والعلاج سهل، وهو مجان ليس هناك ثمن يدفع، وهذا العلاج هو كتاب الله سبحانه وتعالى، فكتاب الله هو العلاج الأول الذي إذا التزمت به وارتبطت به ولازمته قراءة وخشوعاً وتذكراً وتدبراً ستجد أنك ترتقي شيئاً فشيئاً في سلم لين القلب.

كذلك ذكر الله سبحانه وتعالى، إذا واظبت عليه ستجد فعلاً أن القلب بدأ يلين، ولذلك يقول الحسن البصري عندما سأله سائل قال له: إن قلوبنا قاسية، قال: ألينوها بذكر الله.

نحن لا نذكر الله سبحانه وتعالى وللأسف الشديد إلا قليلاً، هذا حالنا.

والرسول عليه الصلاة والسلام كان الصحابة يحصون له في المجلس الواحد فقط سبعين مرة وهو يقول: (أستغفر الله) وفي رواية: (مائة مرة، وهو يقول: أستغفر الله)، ونحن في المجالس المتعددة ربما لا نقول: أستغفر الله ولا حتى مرة واحدة، لماذا يا ترى؟ لأن ذكر الله سبحانه وتعالى لم تعتده الألسنة، فالذكر إذا رددته الألسنة وأكثرت منه سنجد الرقة في القلب، وتسمع القارئ يقرأ القرآن فتدمع عينك؛ لأن رقة القلب تؤثر في العين، كذلك عندما يرق القلب ستجد أن الجلد يقشعر عندما يسمع كلام الله، عندما يرق القلب ستجد أن القلب يرجف عندما يسمع وعيد الله سبحانه وتعالى؛ لأن القلب لين ورقيق.

إذاً: هناك علاجان يسيران سهلان وهما: القرآن، والذكر المستمر، ويضاف إليهما العكوف المستمر على الأعمال الصالحة بشتى أنواعها، ففيها خير كثير وفيها أثر بين.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا رقة القلب وأن يباعد بيننا وبين قسوة القلوب.

وقسوة القلوب قد وصف بها أعداء الله سبحانه وتعالى من اليهود والمنافقين، ونحن بيننا وبينهم البين الشاسع، فلابد أن يكون البون بيناً في قلوبنا، فهم قساة القلوب، ونحن نبحث عن الفرق بيننا وبينهم ألا وهو رقة القلوب، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>