للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معوقات الدعوة للمرأة الداعية]

معوقات الدعوة كثيرة جداً، وأبرز هذه المعوقات المعوق الفكري أو الهجمة الفكرية المعاصرة خاصة في هذا الزمان، عن طريق تشويه أفكار الناس عن المرأة، ومحاولة بث هذا الفكر داخل عقول النساء، وأن هذه المرأة ينبغي لها أن تكون مساوية للرجل، وينبغي لها أن تتحرر، وينبغي لها أن تنطلق من قيودها، وينبغي لها أن تقود سيارتها بنفسها، وتعمل كيف تشاء، وتذهب متى تشاء، وتذهب وتأتي بأي أسلوب وفي أي وقت وبأي كيفية، ليس للرجل عليها سلطة.

هذه الأفكار يراد منها أن تكون المجتمعات الإسلامية مشابهة للمجتمعات الغربية التي انتشر فيها الانحلال، الذي أدى بها الآن إلى الانهيار، فالمجتمعات الغربية الآن تنهار شيئاً فشيئاً، ولا يلزم من هذا أن يكون الانهيار في سنين قليلة؛ لأن انهيار الدول ليس كانهيار الأفراد، فانهيار الدول قد يحتاج إلى عشرات السنين، وقد تكون دولة بدأت مرحلة الانهيار لكنها لا تنهار إلا بعد خمسين سنة، وبالتالي فالمجتمعات الغربية تأمل من المجتمع المسلم أن يسلك نفس المسلك فينهار فيتساوى المجتمع المسلم مع المجتمع الغربي في هذا الجانب، ويتفوقون علينا في العدد والعدة، ويكونون هم المسيطرين، وبالتالي يحاولون نشر ذلك بشكل قوي جداً، والهجمة في المؤلفات الفكرية والأفكار المطروحة فيما يرتبط بالسفور والاختلاط والمساواة وغيرها أمرها واضح وبين، ولا تحتاج إلى مزيد بيان لضيق الوقت.

وهذا اعتبره معوقاً؛ لأن بعض النساء تكون قد تشربت هذه الأفكار، وبالتالي لا تستطيع المرأة أن تدعو؛ لأن بعضاً من هذه الرواسب قد رسخ في ذهنها.

كذلك إذا أرادت أن تدعو أخريات قد تجابه نساء يحملن هذه الأفكار فيكون مجال الدعوة ضيقاً؛ نتيجة لمحاولة إقناع هذه وتلك من التخلص من هذه الأفكار التي انغرست في أذهانهن.

كذلك من المعوقات الدعوية: وسائل الإعلام، أو الهجمة الإعلامية، سواء كانت تلفازاً، أو فيديو، أو صحافة، أو إذاعة، أو غيرها، وهذه الوسائل الإعلامية كلنا جميعاً بلا استثناء نعلم مدى تأثيرها على المرأة بخاصة، فالمرأة دائماً تعكف وتمكث وتبقى في البيت، والإعلام أمامها من تلفاز وغيره يعمل طوال الوقت، كل الوقت الذي تعيشه المرأة نجد أن الإعلام يبث فكره ابتداء ليدخل في عقلها وفكرها.

فإن انتقلت من محطة إلى أخرى وجدت محطة أمريكا الإعلامية، أو محطة لندن، أو محطة باريس، وهذه المحطات الإعلامية تبث فكراً منحلاً، ووسائل تربوية فاسدة، وجوانب أخلاقية هابطة، فتنهار المرأة نتيجة لذلك، ويترتب على ذلك أن تكون داعية انحلال بدل أن تكون داعية صلاح.

إذاً: هذه المرأة الداعية ستجابه هذه الهجمة الإعلامية الصارخة من قبل هؤلاء الأعداء.

كذلك من معوقات الدعوة: الجهل، كثير من النسوة يجهلن العلم الشرعي؛ لأنه ليس لديهن من العلم الشرعي إلا أقل القليل، وهذا الجهل يؤدي بهن إلى ألا يعلمن دورهن في هذه الحياة، ولا يعلمن أنهن مسئولات عن تربية أولادهن التربية السليمة، بل ولا يعرفن كيف يربين الأولاد، ولا يعرفن شئون الزوج، ولا شئون الدعوة بشكل عام؛ نتيجة للجهل، لذلك على النساء أن يركزن على الجوانب العلمية عن طريق التلقي العلمي، ولله الحمد والمنة فالجوانب العلمية ممكن أن تؤخذ الآن عن طريق الكتب الموجودة والمنتشرة في الأسواق، وعن طريق التسجيلات التي فيها من الدروس العلمية الشيء الكثير، وعن طريق حضور بعض الدروس العلمية التي ممكن أن تحضرها النساء، وهذه جوانب مفتوحة وموجودة وليس فيها إشكال.

المعوق الرابع: الحياء، الحياء معوق كذلك من معوقات الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بالنسبة للمرأة، فالمرأة حيية، فهي تخجل وتستحي وتتأثر بسرعة؛ نتيجة لهذه الفطرة التي وجدت فيها، وكون المرأة تستحي فإن هذا يعد جانباً فاضلاً فيها، ولكنه إذا زاد عن حده يعد عيباً وخاصة في المجال الدعوي؛ لأنها قد تدخل في مجتمع ترى فيه من المنكرات الشيء الكثير، ومع ذلك لا تستطيع أن تغير وتدعو وتنهى وتأمر وغير ذلك؛ لأنها تستحي وتخجل، وكثيراً ما نسمع أن المرأة تقول: أنا رأيت كذا وكذا، فإن قيل لها: لماذا لم تنصحي؟ تقول: والله أستحي وأخجل.

إذاً: هذا خجل مذموم فيها، وهو معوق ينبغي على المرأة أن تراعيه وتنتبه له؛ فالحياء له حدود ونطاق معين، فإذا تجاوزها سمي هذا تقصيراً وذلاً، وسمي بأسماء مختلفة متفاوتة.

الجانب الخامس من معوقات الدعوة للمرأة الداعية: شئون المنزل، فالمرأة كثيراً ما تشتكي كثرة أعمالها في منزلها، وأن هذا العمل يعيقها كثيراً عن أداء كثير من المهمات الدعوية التي تتمنى أن تقوم بها، وهذا حقيقة فيه جانب من الصحة وجانب من الخطأ كذلك، فإن قيام المرأة بشئون المنزل وإشرافها على منزلها ليكون منزلاً مريحاً يشعر فيه الزوج بالراحة النفسية والاطمئنان القلبي، ويشعر فيه كذلك الأولاد بالراحة يعد بحد ذاته أمراً وجانباً دعوياً مهماً، فإن الطفل أو الزوج إذا لم يجد منزلاً يرتاح فيه ويطمئن فيه قلبه فإنه سيتركه ويخرج ليبحث عن غيره من الأماكن التي يمضي فيها الوقت، فيمضي الوقت في سهرات ولقاءات، وفي غير ذلك، وهذا بحد ذاته قد يؤدي إلى انحراف هذا الزوج إن كان قابلاً لذلك، ونفس العملية تنقل إلى الأولاد، وبالتالي فإن جعل المرأة شئون المنزل معوقاً هذا ليس على إطلاقه، لكن أن تجعل المرأة كل شئون المنزل هي المعوق، أو تمضي كل وقتها في شئون المنزل ولا تعطي لأولادها أو لزوجها إلا أقل القليل أو فضول الأوقات فهذا يعتبر معوقاً، فالذي ينبغي للمرأة أن توازن بين هذين الشيئين، وأن تعطي كل شيء ما يناسبه، فتركز على شئون المنزل في الوقت الذي يكون فيه الزوج والأولاد في أماكن أخرى، إما في عمل أو غير ذلك، فإذا عادوا إلى البيت وجدوا البيت قد انتهى العمل الأساسي الذي يرتبط بتنظيمه وتنظيفه وغير ذلك، ويجد الأولاد الراحة مع أمهم، ويجد الزوج الراحة مع زوجته، وهذا بحد ذاته يعد أمراً دعوياً مهماً.

المعوق السادس: قضية المواصلات، فكثير من النسوة يتمنين الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وعندهن القدرة على ذلك، فتقول إحداهن: بإمكاني أن ألقي محاضرة أو ندوة، وعندي العلم الذي يؤهلني لأن أؤدي جوانب دعوية، ولكنني لا أستطيع أن أنتقل من مكان إلى آخر؛ بحكم أنني لا أجد المواصلات المناسبة، فزوجي إما أنه يرفض أن يذهب بي، وإما أنه مشغول باستمرار، وبالتالي فلا مجال للانتقال، فهل لي أن أستجلب سائقاً يذهب بي إلى مكان وآخر، نقول: لا، هنا لابد أن تضعي نصب عينيك أن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وأن الله سبحانه وتعالى بين ذلك وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦] فأنت ستثابين على نيتك، فنيتك وهدفك الذي تهدفين له صالح، ولكنك تتحيين الفرصة، فإن لم تأت الفرصة فضعي نصب عينيك أنك ستؤجرين على حسب النية التي تنوينها.

كذلك من معوقات الدعوة: رب الأسرة، وكثيراً ما يكون رب الأسرة معوقاً من معوقات الدعوة؛ إما لأنه منحرف، أو لأنه لا يفهم مبدأ القوامة المذكور في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:٣٤]، فبعضهم لا يفهم مبدأ القوامة فهماً سليماً، فيرى أن القوامة هي أن يضغط على المرأة ويتحكم فيها كيفما يشاء، ويصرفها كيفما يشاء، فتجده يأمر زوجته بالأمر الخاطئ فلابد لها أن تطيع، ويأمرها بما يشاء وكيف يشاء، فأقول: إن عدم فهم من الرجل يعد معوقاً بالنسبة لهذه المرأة، وعلى المرأة الداعية أن تراعي هذا القصور في رب الأسرة، فتحاول أن تعالجه أولاً، ويعد ذلك أمراً دعوياً منها له، فإذا عولج ونجح العلاج فإنها بعد ذلك ستستفيد من رب الأسرة في المجالات الدعوية الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>