للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ ... ». الحديث. (وقد تقدم): فإنه يدل على أن الرسول يُحِلُّ أَوْ يُحَرِّمُ ما ليس في الكتاب.

وقد ورد في السُنَّةِ استعمال الكتاب في عموم ما أنزل عليه، فقد روي - في " الأم " -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لأَبِي الزَّانِي بِامْرَأَةِ الرَّجُلِ الَّذِي صَالَحَهُ عَلَى الْغَنَمِ وَالْخَادِمِ: «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ [- عَزَّ ذِكْرُهُ -] أَمَا إنَّ الْغَنَمَ وَالْخَادِمَ رَدَّ عَلَيْك وَإِنَّ امْرَأَتَهُ تُرْجَمُ إذَا اعْتَرَفَتْ» وَجَلَدَ ابْنَ الرَّجُلِ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا».

فأنت ترى أنه جعل حكم الرجم والتغريب في كتاب الله، فدل ذلك على أنه أراد به: ما أنزل مطلقًا.

...

ويمكن أن يكون المراد من الكتاب: اللوح المحفوظ. كما قال بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (١).

...

ولو سلمنا أن المراد من الكتاب: القرآن، فما أحله رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو حرمه، ولم ينص القرآن عليه -: فهو حلال أو حرام في القرآن، يقول تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢) [الحشر: ٧]. وقد تقدم ذلك في الشبهة الأول، فارجع إليه (٣).

وأما الرواية الثانية: فليس معنى قوله: «لاَ يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَىَّ بِشَىْءٍ»: تحريم التمسك بشيء مما يصدر منه، والمنع من الاحتجاج به.

وإنما معناه: لا يتمسكن الناس عَلَىَّ بشيء من الأشياء التي خصني الله بها،


(١) [سورة الأنعام، الآية: ٣٨].
(٢) [سورة الحشر، الآية: ٧].
(٣) ص ٣٨٧ - فما بعدها.

<<  <   >  >>