للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنخرج من ذلك بأن القطع بالقرآن لم يتوقف على الكتابة في طبقة من الطبقات.

ولعل قائلا يقول: لسنا في حاجة إلى وجود النسخة أو النسخ التي كتبها كتاب الوحي، ولا إلى إخبار هؤلاء الأقوام - بما ذكرت. فإنه يغنينا عن ذلك كله التواتر الكتابي بعد عصر الخلفاء الراشدين وتعدد النسخ المكتوبة (المتفقة في جميع حروفه) في العصر الثاني وما بعده - تَعَدُّدًا يؤمن منه التواطؤ على زيادة أو نقص أو تحريف. فإن هذا يفيدنا القطع بأن المكتوب جميعه هو القرآن.

فنقول: من أين لنا أن نثبت أن هذه النسخ المتأخرة قد نسخت من نسخ متعددة يؤمن تواطؤها على ما ذكرت؟ أليس من الجائز أن تكون جميعها مصدرها نسخة واحدة لزيد بن ثابت أو عثمان مثلا؟ بل الواقع كذلك كما هو معلوم لمن له إلمام بتاريخ كتابة القرآن.

وإذا كان المصدر نسخة آحادية - فمن أين لنا أن نجزم بما فيها؟! وبما أخذا عنها؟!.

فإن قال هذا القائل: نحن نجزم بما فيها: لأن الصحابة جميعهم قد أقروا ما في هذه النسخة واعترفوا بصحته.

قلنا: فقد رجعت في النهاية إلى التواتر اللفظي بأن ما في هذه النسخة هو كل القرآن بلا زيادة ولا نقصان ولا تبديل، والتواتر اللفظي هو الذي تنكر دلالته على القطع، وتدعي أن الاعتماد كله - في القطع - إنما هو على الكتابة.

هذا وإليك بعض ما ذكره الأئمة لتأييد ما قلنا:

قال ابن حجر (١): «وَالْمُسْتَفَاد مِنْ [بَعْثِهِ] المَصَاحِفِ إِنَّمَا هُوَ ثُبُوتُ إِسْنَادِ صُورَةِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا إِلَى عُثْمَانَ، لاَ أَصْلَ ثُبُوتِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ مُتَوَاتِرٌ


(١) في " الفتح ": ج ١ ص ١١٤.

<<  <   >  >>