للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا هو الجديد، فلقد برهن فتية الجزائر، الذين أنشؤوا هذا الطريق الصغير بقرية القديس يوجين، على أن مجال العمل كان هنالك، وعلى أنه لا يليق بنا أن نطوف به شاكين معولين، بل أن نقتحمه بالمجرفة والمعول، ولا شك أن هذه الأدوات التي أثارت الأرض قد قلبت معها (ذهان الاستحالة).

فهل يعلم هؤلاء الرواد، أنهم قد خطوا أول طريق في التاريخ الجزائري؛ طريق لا يمر بالبرلمان، بل هو مجهول كهؤلاء الذين خطوه، ولكنه يؤدي مباشرة إلى التاريخ .. ؟

ومع ذلك فمن المستحسن ألا يعلموا، فالرواد دائماً جنود مجهولون، وهم يكتفون بأن يرسموا طريق (الواجب) لمن بعدهم، وربما كان بوسعهم أن يتحدثوا عن حق القرية في أن يكون لها طريق، وبالتالي يتحدثون عن الشعب المسلم التعيس في قرية القديس يوجين، ولكنهم آثروا أن ينشئوا الطريق بأنفسهم، كأنهم من عمال الحفر والبناء في البلدية (١)، وبهذا أعادوا إلى الفكرة الأساسية مغزاها الحق.

والواقع أن تقسيم العمل الذي يحدث دائماً نتيجة النمو الاجتماعي يخلق طبقة من الأجراء، ولكن هذا التقسيم يخفي في طياته تفرقة واجبة بين العمل والأجر.

أما عندما ينزل العمل إلى ميدان السوق، فإن الفكرتين تختلطان، ويصبح الأمر سخرة، يبيع المرء بمقتضاها (ساعات عمله) مكرهاً لصاحب عمل لقاء أجر معين.


(١) يرى المؤلف في هذه المحاولة، خير دليل على صحة رأيه الذي ينادي: بأن يقوم كل فرد بأداء الواجب نصف ساعة كل يوم. انظر (شروط النهضة).

<<  <   >  >>