للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واعياً للقيم الاجتماعية في الإسلام، فعلم النفس وعلم الاجتماع ضروريان إذن للكشف عن القيم الجديدة في النهضة الإسلامية، وعن الطرق الجديدة التي تزري بها بعض خرافات متخلفة عن عصر ما بعد الموحدين.

وعليه، فلكي نعرف الإنسان، ينبغي أن نعرف أنفسنا، وذلك أمر لا يتيسر لقادة العالم الإسلامي، إلا إذا قاموا بعملية استبطان دقيق لذواتهم، واختبار قاس لضمائرهم؛ فإن الإنسان إذا ما أراد أن يعرف العيب الكامن في قضيب من الصلب، يريد أن يتخذ منه محوراً لمحرك في آلة ما، فإنه يخضعه لتحليل معين، كأن يفحصه بالمجهر ليدرس بناءه الداخلي. ولن يكون معقولاً ولاممكناً أن يسلك لهذه الدراسة طرقاً أخرى، فكذلك الحال إذا ما أردنا أن نعرف الإنسان من حيث كونه (محركاً) للحياة الاجتماعية؛ الشروط هي الشروط، في الإطار الإنساني، فنحتاج إلى قدر كبير من الدرس الواعي، فهو وحده الكفيل بالكشف عن العلاقات الخاصة التي تمثل التماسك داخل الشخصية الإنسانية في حركتها وفي نشاطها.

وبهذه الطريقة ينقشع الغموض عن خفايا النفس، فما بعد الموحدين، لنتعرف أين ينبغي إحداث التغيير الضروري.

ولقد علمنا أن هذه التغييرات مرتبطة دائماً ببعض (التجارب الشخصية)، ارتباطاً أتيح منه للإنسانية أن تكشف عن حقيقتها من خلال تجارب بعض أفرادها.

والدين الذي هو التعبير التاريخي والاجتماعي عن هذه التجارب المتكررة خلال القرون، يعد في منطق الطبيعة أساس جميع التغييرات الإنسانية الكبرى، وإذن فلن نستطيع أن نتناول الواقع الإنساني من زاوية المادة فحسب.

ومع ذلك، فنحن نعلم مقدار الوهم الذي ينتج عن عكس واقع معين على سطح معين، فقد يحدث أن نرى بأعيننا الدائرة في صورتها الحقيقية دائرة،

<<  <   >  >>