للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- لسنا بقادرين على فعل شيء لأننا جاهلون.

- لسنا بقادرين على أداء هذا العمل لأننا فقراء.

- لسنا بقادرين على تصور هذا الأمر لأن الاستعمار في بلادنا.

هذه (الأدوار) الغنائية الثلاثة، هي العملة الشائعة التي يفسر بها حسنو النوايا عجزهم، كما يستخدمها الدجالون ليدافعوا عن مشروعاتهم المربحة، مشروعات الشعوذة والمخاتلة، والاستعمار باسم قرير العين. مع أن أقل جهد في التأمل يكفي لتمزيق تلك الأستار الكافة، إذ لا تدع وراءها مجالاً للخرافات، ويكفينا أن نواجه (الاستحالات) المزعومة بالوقائع المادية، أي بالعناصر الحقة في المشكلة:

أ - نحن جاهلون- هذا واقع- وهو أثر من آثار الاستعمار. ولكن ماذا تفعل الدوائر المثقفة في بلادنا .. ؟ .. ما تفعل بثقافتها وهي السلاح الأساسي العاجل ضد الأمية العامة .. ؟ .. لقد شهدنا بأعيننا المثقفين الإسرائيليين إبان الاحتلال الألماني يهتمون بأبناء جلدتهم، شأن كل فئة متعلمة تستخدم معرفتها فيما ينفع شعبها، حدث هذا على الرغم من عنت المراقبة التي كانت مضروبة عليهم.

أما في الجزائر فقليل هم المسلمون الذين يفكرون- على اختلاف مهنهم- في تربية أمتهم، وكثيراً ما طالبت الفئة المثقفة هناك خلال الانتخابات بزيادة عدد المدارس، ولكن ما جدوى هذه الزيادة إذا لم يكن من نتيجتها (إصلاح) التعليم؟

إن مضاعفة العدم لا تؤتي غير العدم، فإذا ما كان الرجل المتعلم نفسه عديم التأثير، وإذا لم يكن لتعليمه أثر اجتماعي، فإن أسطورة (الجهل) تصبح أسطورة خطرة، إذ هي تحجب خلف مشكلة الإنسان الأمي مشكلة أعمق لإنسان ما بعد الموحدين- جاهلاً كان أو متعلماً.

<<  <   >  >>