للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عجافا يتساوكن هزلا مخهن قليل. فلما رأى أبو معبد اللبن عجب، وقال: من أين هذا يا أم معبد؟ والشاة عازب حيال، ولا حلوب في البيت؟ قلت: لا والله، إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال صفيه لي.

قالت: رجل ظاهر الوضاءة (١) أبلج الوجه حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، لم تزريه صعلة، وسيم قسيم، في عينه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثافة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق. فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقة خرزات نظم يتحدرن، ربعة لا يائس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند. قال أبو معبد: فهذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا. (٢)

- الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها، تصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال:


(١) أي ظاهر الجمال.
(٢) تاريخ الإسلام للذهبي ١/ ١٨٩.

<<  <   >  >>