للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكُوبَة، وفي حديث آخَر: أنَّ اللهَ يَغفِرُ لكلِّ مذنبٍ إلا صاحب عَرطَبة أو كُوبةٍ (١)، والعَرطَبة: العُود، ومع هذا فإنَّه إجماع، ا. هـ.

(تَنْبِيه) اعتُرضِتْ حكاية الإجماع بأنَّ الماوردي من أكابر أصحابنا قال فِي "حاويه": إنَّ بعض [أصحابنا] (٢) كان يخصُّ العُود بالإباحة من بين الأوتار ولا يحرمه؛ لأنَّه موضوع على حركات تنفي الهمَّ وتزيد فِي النَّشاط، ويُقال: إنَّه ينفَعُ من بعض الأمراض، وبأنَّ ابنَ طاهر حَكاه عن إجماع أهل المدينة وعَنْ صاحب "التَّنْبِيه" الإمام أبي إسحاق الشيرازي قال: وكان مذهبه أنَّه مشهورٌ عنه، وأنَّ أحدًا من عُلَماء عصره لم يُنكِرْه عليه، وهذا الاعتِراضُ باطلٌ سفساف لا يُعوَّل عليه، أمَّا ما فِي "الحاوي" فقد عقَّبَه الماوردي بما [يزيفه] (٣) ويردُّه ويبيِّن أنَّه لا يُعتَدُّ به ولا يُحكَى إلا لردِّه، فإنَّه قال في "الحاوي" عقبه: وهذا لا وجْه له؛ لأنَّه أكثر الملاهي طربًا، وأشغلها عن ذكر الله - تعالى - وعن الصَّلاة، وإنْ تميَّز به الأماثل عن الأراذِلِ (٤).

وتابَعَه الروياني فِي "البحر" على ردِّ هذا الوَجْه وتزييفه، وأمَّا زعْم أنَّه ينفَع لبعض الأمراض فقد جعَلَه الأسنوي مُقوِّيًا لذلك الوجْه؛ فقال بعد قول الشيخين: إنَّ ما مَرَّ حرامٌ بلا خِلافٍ، وإطلاقهما عدم الخلاف ليس كذلك؛ فقد حكى الماوردي والروياني فِي "البحر" وجهًا أنَّ العُود بِخُصوصه حَلال؛ لما يقال: إنَّه ينفَعُ بعض الأمراض، اهـ، واعتَرضَه


(١) لم أقفْ عليه، وأورَدَه أيضًا المصنِّف في "الزواجر"، (الكبيرة السادسة والأربعون).
(٢) في (ز٢): العلماء.
(٣) في (ز٢): يرفعه.
(٤) نصُّ كلام الماوردي في "الحاوي" (١٧/ ١٩٣) طبعة دار الفكر: "وكانَ بعضُ أصحابِنا يخصُّ العود من بينها ولا يُحرِّمه؛ لأنَّه موضوعٌ على حركاتٍ نفسانيَّة تَنفِي الهم، وتُقوِّي الهمَّة وتزيد في النشاط، وهذا لا وجْه له؛ لأنَّه أكثر الملاهي طربًا، وأشغلها عن ذكر الله - تعالى - وعن الصلاة، وإنْ تميَّز به الأماثل عن الأراذلِ".

<<  <   >  >>