للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الثاني: في سماع الغناء المقترن برقص أو نحو دف أو مزمار أو وتر]

قد سبق حُكمُ الغناء المجرَّد، وسيأتي أحكامه وما بعده إذا تجرَّدت، والمقصود هنا أنَّ الغناء إذا أُبِيح أو كره إن انضمَّ إليه محرَّمٌ يصير بانضِمام المحرَّم إليه محرمًا، وإذا حرم يشتدُّ إثمه بانضِمام المحرَّم [الآخَر] إليه، وأنَّ الرَّقص إنْ كان فيه تكسُّر كفعل المخنث كان حرامًا، وإنْ خلا عن ذلك كان مكروهًا، فإذا انضمَّ القسم الحرام منه إلى الغناء المحرَّم ازداد الإثم والتحريم، وكذا إذا كان المحرَّم أحدهما؛ لأنَّ المكروه وإنْ كان لا إثمَ فيه لكنَّه بانضِمامه إلى المحرَّم يَزداد إثمًا، ويشهَدُ لما قرَّرتُه قولُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فِي الحديث الصحيح: ((لا يخرُج الرجلان [ز١/ ١١/ب] يَضرِبان الغائط كاشفَيْن عن عَوْرتهما يتحدَّثان؛ فإنَّ الله يمقت على ذلك)) (١).

فجعل التحدُّث على الغائط الذي هو مكروهٌ لا حرام إذا انضمَّ إلى الحرام الذي هو كشْف العَوْرة بحضرة مَن ينظُر إليها مقتضيًا للمقت الذي هو أشدُّ البُغض، فكذا إذا انضمَّ مكروهٌ من رقصٍ أو غناءٍ إلى محرَّمٍ من أحدهما يزداد إثمه وعقابه، وإذا ثبت هذا فِي مكروه ومحرَّم فهو فِي محرَّمين أولى، وسيأتي عن الإمام أبي عمرو بن الصلاح فِي اجتماع الدُّفّ الذي هو حلال إلى


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٣٦)، وأبو داود (١٥)، وابن ماجَهْ (٣٤٢)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١/ ٧٠ رقم ٣٢، ٣٣)، والحاكم (١/ ٢٦٠ رقم ٥٦٠)، وأبو نعيم في "الحلية" (٩/ ٤٦)، والبيهقي (١/ ٩٩ رقم ٤٨٧)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (١٢/ ١٢٢)، وصحَّحه ابن خزيمة (٧١) وابن حبان (٤/ ٢٧٠ رقم ١٤٢٢) من حديث أبي سعيد الخدري - رضِي الله عنه - وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (١/ ٨٣): رووه كلهم من رواية هلال بن عياض أو عياض بن هلال عن أبي سعيدٍ، وعياض هذا روى له أصحابُ السنن، ولا أعرفه بجرحٍ ولا عدالة، وهو في عداد المجهولين، والحديث له شاهد عند النسائي في "السنن الكبرى" (١/ ٧٠ رقم ٣١) والطبراني في "الأوسط" (٢/ ٦٥ رقم ١٢٦٤) من حديث أبي هريرة، وقال الهيثمي في "المجمع" (١/ ٢٠٧): رجاله موثَّقون.

<<  <   >  >>