للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الخامس: في الكُوبَة وسائر الطبول

قال الشيخان وغيرهما: ولا يحرم ضَرْبُ الطبول إلاَّ الكُوبَة؛ وهي: طبل طويل متَّسِع الطرفين ضيِّق الوسط، وهو الذي يعتاد ضربه المخنَّثون ويولعون به، قال الإمام: وليس فيه من المعنى ما يميِّزه عن سائر الطبول، إلا أنَّ المخنَّثين يعتادون ضربَه ويُولَعون به، قال: والطبول التي تُهيَّأ لِمَلاعِب الصبيان إنْ لم تلحق بالطبول الكبار فهي كالدُّفِّ وليست كالكُوبَة بحال، ا. هـ.

وبه يُعلَم أنَّ ما يُصنَع فِي الأعياد من الطُّبول الصِّغار التي هي على هيئة الكُوبَة وغيرها لا حُرمَة فيها؛ لأنَّه ليس فيها إطرابٌ غالبًا، وما على صورة الكُوبَة منها انتَفَى فيه المعنى المحرَّم للكوبة وهو التشبُّه بأفعال المخنثين؛ لأن لهم كيفيَّات فِي ضربها، وغيره لا توجد فِي تلك التي تُهيَّأ للعب الصبيان.

(تَنْبِيه) ما مشى عليه الشيخان من تحريم الكُوبَة هو الحق، ومن ثَمَّ قطَع به الشيخ أبو محمد الجويني قال: لأنَّ فيها أحاديث مُغلَّظة على ضاربها والمستمِع لصوتها، وقال الإمام أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي فِي "تقريبه" بعد أنْ ذكَر حديثا فِي تحريم الكُوبَة، وفيها حديثٌ آخَر: ((إنَّ الله يغفرُ لكلِّ مذنبٍ إلا صاحب عَرطَبة أو كُوبَةٍ)) (١) والعَرطَبة: العُود، ومع هذا فإنَّه إجماعٌ، اهـ.

فتأمَّل نقلَ هذا الإمامِ الإجماعَ على حُرمَتِها، وما مَشَيَا عليه من حِلِّ سائر الطُّبول ما عدا الكُوبَة اعتَرَضه الأسنوي بأنَّ الموجود لأئمَّة [المذهب] (٢)


(١) لم أقف عليه، وأورده أيضا المصنف في الزواجر (الكبيرة السادسة والأربعون).
(٢) في (ز٢): المذاهب.

<<  <   >  >>