للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم السادس: فِي الضرب بالصفاقتين

وهما دائرتان من صفرٍ تضرب إحدهما على الأخرى وتُسمَّيان بالصَّنْج أيضًا، والمعتمَد من مذهبنا عند الشيخين وغيرهما؛ كالشيخ أبي محمد، والقاضي الحسين، وصاحب "المُهَذَّبِ"، ونقله فِي "البحر" عن الأصحاب أنَّ ذلك حرامٌ؛ لأنهما من عادة المخنَّثين كالكُوبَة، وتوقَّف الإمام فيهما؛ لأنَّه لم يردْ فيهما خبرٌ بخِلاف الكُوبَة؛ يُجاب عنه بأنَّ شأن القياس أنَّ المقيس عليه منصوصٌ بخلاف المقيس، وهذا كذلك؛ لأنَّ الكُوبَة منصوصٌ عليها بخلاف الصفاقتين، فألحقنا بها بجامع أنَّ كلاًّ منهما الضرب به من عادة المخنَّثين المطَّردة، وهذا هو المقتضى لتحريم الكُوبَة كما اعتَرَف به الإمام، فإنَّه قال: كان شيخي - يعني: أباه كما مرَّ نقله عنه - يقطع بتحريمها ويقول: فيها أخبار مغلَّظة على ضاربها والمستمِع إلى صوتها، وقد نصَّ الشَّافِعِيُّ - رضِي الله عنه - على أنَّ [مَن أوصى بطبل لهو] (١) يلتَحِق بالمعازف حتى تبطل الوصيَّة به إلا الكُوبَة (٢).

(تَنْبِيه) ما فُسِّرت به الصَّفاقتَيْن فيما مَرَّ هو المعتمد، وإنْ قالَ ابنُ أبي الدَّم: اختلف الفقهاء المتأخِّرون فيه؛ فبعضهم يقول: هو الشيزات، ويعضده التعليل بأنَّه من عادة أهل الشُّرب، وبعضهم يُفسِّره بالصنوج المتَّخَذة من صفر التي تضرب مع الطبول والرباب والنقارات، وهذا يُضعفه أنَّه ليس بمطربٍ ولا يُحدِث بسماعه لذَّة لذي لُبٍّ سليم وعقل صحيحٍ، ا. هـ.


(١) في (ز٢): الوصيَّة بطبْل لهوٍ باطلةٌ، ولا يعرف طبل.
(٢) "الأم"؛ للشافعي (٨/ ٢٤٤) ط دار المعرفة.

<<  <   >  >>