للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} (١).

وقد يطلع الله بعض أنبيائه على بعض أحوالهم وتصرفاتهم لحكم بالغة، وهذا من الأمور الغيبية التي إذا ثبتت عن معصوم وجب التصديق بها، ولا أدري كيف غاب عن أَبِي رَيَّةَ حكم من يتهكم بأحاديث رسول الله؟!.

حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:

قال: وروى " مسلم " عن أبي سفيان أنه قال لِلْنَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنِي ثَلاَثًا: تَزَوَّجْ ابْنَتِي أُمَّ حَبِيبَةَ، وَابْنِي مُعَاوِيَةُ اجْعَلْهُ كَاتِبًا، وَأْمُرْنِي أَنْ أُقَاتِلَ الكُفَّارَ كَمَا قَاتَلْتُ المُسْلِمِينَ .... » وقد تصرف المؤلف في الحديث ولم يورده بلفظه كما في الصحيح.

وهذا الحديث قد استشكله الأئمة المُحَدِّثُونَ من قديم وَعَدُّوهُ من أوهام عكرمة بن عمار لأنه كَانَ يَغْلِطُ وَيَهِمُ، لأن الثابت القطعي أن النَّبِي تزوجها سَنَةَ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ وذلك قطعًا قبل إسلام أبي سفيان سَنَةَ ثَمَانٍ، ومن العلماء من تكلف الإجابة عن هذا الحديث فقال: إن المقصود أقرك على زواج ابنتي، أو المراد تجديد عقد النكاح، والحق أن هذا تكلف وأن الحديث من قبيل الوهم والغلط، لا من قبيل الوضع لأنا لم نر أحدا من أئمة الجرح والتعديل نسب عكرمة بن عمار إلى الوضع، وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وكفى بهما إمامين (١) ومِمَّنْ قال بأن الحديث وقع فيه الوهم الإمام ابن تيمية في " منهاج السُنَّة "، فأبو رِيَّةَ لم يأت بجديد وكل ما هنالك أنه حاول تجسيم هذا الغلط اليسير ليغض من شأن " صحيح الإمام مسلم ".

تَصْدِيقُ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ فِي بَعْضِ مَا قَالَ:

قال: وفي " مسند أحمد " عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَّقَ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ الشَّاعِرِ المَشْهُورِ فِي قَوْلِهِ:


(١) [سورة الأعراف، الآية: ٢٧].
(١) " صحيح مسلم بشرح النووي ": ج ١٦ ص ٦٣.

<<  <   >  >>