للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣] [قَوْلُهُمْ إِنَّ المُحَدِّثِينَ لَمْ يَتَوَسَّعُوا فِي نَقْدِ المَتْنِ]:

قال صاحب " ضحى الإسلام " ج ٢ ص ١٣٠، ١٣١ في أثناء التكلم على نقد المحدثين للحديث: «لكنهم لم يتوسعوا كثيرا في النقد الداخلي - يعني نقد المتن - فلم يعرضوا لمتن الحديث: هل (كذا) ينطبق على الواقع أم لا؟.

مثال ذلك: ما رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الكَمْأَةُ (١) مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ، وَالعَجْوَةُ مِنَ الجَنَّةِ وَهِيَ شِفَاءٌ مِنَ السُّمِّ» فهل اتجهوا في نقد الحديث إلى امتحان الكمأة، وهل فيها ترياق؟ نعم: إنهم رووا أن أبا هريرة قال: «أَخَذْتُ ثَلاَثَةَ أَكْمُؤٍ أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا فَعَصَرْتُهُنَّ فِي قَارُورَةٍ وَكَحَلْتُ بِهِ جَارِيَةً لِي عَشْمَاءُ فَبَرَأَتْ» (٢) ولكن هذا لا يكفي لصحة الحديث، فتجربة جزئية لا تكفي منطقيا لإثبات الشيء في ثبت الأدوية، وإنما الطريق أن تجرب مِرَارًا، وخير من هذا أن تحلل لتعرف عناصرها، فإذا لم يكن التحليل في ذلك العصر ممكنا فلتكن التجربة مع الاستقراء، فكان هذا طريقا لمعرفة صحة الحديث أو وضعه».

والجواب:

[١] إن هذا الحديث صحيح روي في أصح كتب الحديث وأوثقها، وهما


(١) الكمأة: واحدة الكمء، كتمرة، وتمر، وهي نبات لا ورق له ولا ساق يوجد في الأرض من غير أن تزرع وتمتد في الأرض امتدادًا كثيرًا، ولذلك بعض العرب يسميها: جدري الأرض تشبيهًا لها بالجدري في انتشارها.
(٢) " صحيح البخاري ": - كتاب الطب - باب المن شفاء للعين. و " صحيح مسلم ": - كتاب الأرشبة - باب فضل الكمأة ومداواة العين بها.

<<  <   >  >>