للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليَمَنِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلاَثِينَ تَبِيعًا، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً». الحديث رواه أحمد وكذا أخرجه ابن حبان وصححه، والدارقطني وصححه اَيْضًا من رواية أبي وائل عن مسروق عن معاذ، وأكثر العلماء على تصحيح هذه الروايات، وتصحيح هذه النسخ.

وخالف بعضهم كابن حزم، فحكم بالانقطاع وقال: «إِنَّ مَسْرُوقًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ»، وقد بالغ في تقرير ذلك.

وحكى الحافظ ابن حجر عن عبد الحق أنه قال: " في زكاة البقر حديث متفق على صحته " يعني في النصب

وقال ابن عبد البر في " التمهيد " في حديث معاذ: «إسْنَادُهُ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ ثَابِتٌ» وقال في " الاستذكار ": وَلاَ خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ [عَلَى] مَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ [هَذَا] وَأَنَّهُ النِّصَابُ [الْمُجْتَمَعُ] عَلَيْهِ [فِيهَا]» (١).

فلماذا نغلب قول ابن حزم بالانقطاع على أقوال هؤلاء الحاكمين على حديث معاذ بالصحة والاتصال؟!

ولو سلمنا الانقطاع، فانقطاع السند شيء، وكون الحديث موضوعًا شيء آخر، فكيف يبني هذا المستشرق الحكم بالوضع على الاختلاف في رواية بالصحة وعدمها؟ على أن هذه الرواية إن كان قد وقع فيها الاختلاف في الحكم بالصحة أو الضعف فهناك غيرها من الروايات التي صحت في أنصبة زكاة البقر، وكان القول بصحتها موضع اتفاق.

وروى البيهقي في " سننه " بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ، وَالسُّنَنُ، وَالدِّيَاتُ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَقُرِئَتْ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ، وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا ... الحديث.


= الصاد وكسر الدال المشددة فهو مُعْطِي الصدقة، وأصله المتصدق قلبت التاء صادًا وأدغمت الصاد في الصاد.

(١) " نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ": جـ ٤ من ص ١٨٢ - ١٩٢، طبعة منير الدمشقي.

<<  <   >  >>