للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - هذا الحديث رواه الإمامان الجليلان: البخاري ومسلم في " صحيحيهما " وَهُمَا مَنْ هُمَا في عُلُوِّ كَعْبِهِمَا في التصحيح، ومعرفتهما التامة بالرجال والعلل، ونظرهما الثاقب في الكشف عن خفايا الأحاديث وَعِلَلِهَا، ورواه غيرهما كابن حبان في " صحيحه "، وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه في " سُنَنِهِمْ "، ورواه أحمد والبزار في " مُسْنَدَيْهِمَا "، والطبراني في " المعجم الكبير " و " الأوسط "، وَرُوِىَ عن جمع من الصحابة كَعُمَرٍ وأبي سعيد الخُدري وأبي هريرة وأبي بصرة الغِفاري وأبيه وأبي الجعد (١) وقد تلقت الأُمَّة هذا الحديث بالقبول، واحتج به أئمة فطاحل لا يحصيهم العد ولا يشق لهم غُبَارٌ في النقد والبصر بالأحاديث من عصر السلف إلى وقتنا هذا، فهل كل هؤلاء خفي عليهم ما لاَحَ وظهر لهذا المؤلف؟!!!.

٣ - أما ما ذكره من قصة المرأة التي نذرت أَنْ تصلي في بيت المقدس إنْ شفاها الله ... إلخ. فَمِمَّا يضحك الثكلى! ومن قال - يا من زعمت أنك طوفت في عشرات الكتب والمراجع - أَنَّ الفتوى على خلاف ما يدل عليه حديث أو العمل على خلافه يكون دليلاً على كذبه؟ لو كان الأمر كذلك لحكمنا على كثير من الأحاديث بالوضع والاختلاق.

قال العلاَّمة ابن الصلاح «وَهَكَذَا نَقُولُ: إِنَّ عَمَلَ الْعَالِمِ أَوْ فُتْيَاهُ عَلَى وَفْقِ حَدِيثٍ لَيْسَ حُكْمًا مِنْهُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ مُخَالَفَتُهُ لِلْحَدِيثِ لَيْسَتْ قَدْحًا مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ وَلاَ فِي رَاوِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» (٢) والسيدة ميمونة استندت في فتواها إلى هذا الحديث الذي يثبت أَنَّ الصلاة في المسجدين أفضل من الصلاة في المسجد الأقصى، فيكون أداء النذر في الأفضل أولى، ولا سيما أَنَّ فيه راحة من مَشَقَّةِ السفر وهي امرأة.

قال الإمام العيني: «وَاسْتَدَلَّ قَوْمٌ بِهَذَا الحَدِيثِ - حَدِيثُ (لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ) - عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ إِتْيَانَ أَحَدِ هَذِهِ المَسَاجِدِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ (*)، وقال أبو حنيفة لا يجب مطلقاً، وقال الشافعي في " الأم ": يجب في المسجد الحرام لتعلق النسك به بخلاف المسجدين الآخرين وقال ابن المنذر: يجب


(١) انظر " عمدة القاري على البخاري ": ج ٧ ص ٢٥٢. طبعة [منير آغا الدمشقي].
(٢) " مقدمة ابن الصلاح ": ص ١٢١. طبعة حلب.

<<  <   >  >>