للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضرورى إلى هذا التعريف، ولم يتكلف له طريق آخر غير ضرورية.

أضف إلى ذلك أن الحركات والإشارات قاصرة عن إفادة جميع ما يراد، فإن ما يراد تعريفه إذ لا تمكن الإشارة الحسية إليه كالمعدومات حيث إن الإشارة تكون فى الموجود المحسوس، ولا تكون فى الغائب ولا فى المعدوم.

كذلك الأمر بالنسبة للمثال الذى هو الجرم (١) الموضوع على شكل الشيء ليكون دالا عليه. فإنه يتأتى فى الأمور المحسوسة دون المعقولة.

[الثالث: الموضوع له:]

معلوم أن الوضع للشيء فرع عن تصوره، ومن هنا كان لا بدّ من استحضار صورة الإنسان- مثلا- فى الذهن عند إرادة الوضع له، وهذه الصورة الذهنية هى التى وضع لها لفظ الإنسان لا الماهية الخارجية، والدليل على ذلك أنا وجدنا إطلاق اللفظ دائرا مع المعانى الذهنية دون الخارجية.

وبيان ذلك أننا لو شاهدنا شيئا فظنناه حجرا، فإننا نطلق عليه لفظ الحجر، فإذا دنونا منه وظنناه شجرا أطلقنا عليه حينئذ لفظ الشجر ثم إذا ظنناه إنسانا أطلقنا عليه بالتالى لفظ إنسان. وعلى هذا فالمعنى الخارجى لم يتغير مع تغيير اللفظ فدل على أن الوضع ليس له بل للذهنى (٢).

والظاهر- والله أعلم- أن الموضوع له هو المعنى بقطع النظر عن كونه ذهنيّا أو خارجيّا وذلك لأن حصول المعنى فى الخارج والذهن مع الأوصاف الزائدة على المعنى واللفظ، إنما وضع للمعنى من غير تقييده بوصف زائد، ثم إن الموضوع له قد لا يوجد إلا فى الذهن فقط كالعلم (٣) ونحوه.


(١) شرح الإسنوى ١/ ١٦٦، ولسان العرب ٥/ ٤١٣٦.
(٢) شرح الإسنوى ١/ ١٦٧، والإبهاج ١/ ١٢١.
(٣) المصدر الأول السابق، وارشاد الفحول ١٤.

<<  <   >  >>