للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب جمهور الحنفية إلى أن دلالة العام على كل أفراده قطعية ما لم يدل دليل على خروج بعضها منه لأنه موضوع للدلالة على أفراده على سبيل الشمول والاستغراق، واحتمال خروج بعض أفراده منه من غير دليل لا يؤبه (١) له وإلا ضاعت الثقة باللغة.

قال الشيخ علاء الدين البخارى رحمه الله (٢):

«العام عندنا يوجب الحكم فيما تناوله أى فى جميع الأفراد الداخلة تحته قطعا ويقينا»، وإذا دل دليل على خروج بعضها منه فإنه يكون ظنيّا فى الباقى كذلك عند جمهور الأصوليين، لأن دلالته على جميع أفراده ما دامت ظنية لا يؤثر فيها خروج شىء من أفراده معينا كان الخارج أو غير معين، أما عند الحنفية ففي المسألة تفصيل يقتضى بيان ما يكون به قصر العام على بعض أفراده، فإن من أنواع القاصر ما لا يؤثر فى حجية العام فتبقى دلالته على الباقى قطعية، ومنها ما يؤثر فيها فيجعل دلالته على الباقى ظنية (٣).

على العموم ليس بين الجمهور والحنفية اختلاف جوهرى من الناحية العملية وذلك لأنه لا خلاف بينهم فى أن العام يجب العمل بعمومه حتى يقوم دليل على تخصيصه، ولا فى أن العام يحتمل أن يخصص بدليل، وأن تخصيصه بغير دليل تأويل غير مقبول. والقائلون بأن العام الذى لم يقم دليل على تخصيصه قطعى الدلالة على العموم ما أرادوا بكونه قطعى الدلالة، أنه لا يحتمل التخصيص مطلقا، وإنما أرادوا أنه لا يخصص إلا بدليل، والقائلون بأنه ظنى الدلالة على العموم ما أرادوا أنه يخصص مطلقا، وإنما أرادوا أنه يخصص بدليل (٤).


(١) أى لا يهتم به ولا يلتفت إليه (لسان العرب ١/ ١٤)
(٢) كشف الأسرار عن أصول البزدوى ١/ ٢٩١
(٣) انظر تفصيل هذا فى: كشف الأسرار عن أصول البزدوى ١/ ٢٩١، وفواتح الرحموت ١/ ٢٦٥، حيث إن ذكره بالتفصيل يتعارض مع طبيعة الموضوع.
(٤) علم أصول الفقه للشيخ خلاف ١٨٥، وأصول التشريع الإسلامى للشيخ على حسب الله ٢٧٨.

<<  <   >  >>