للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أما الآخر فمن وجوه ثلاثة:]

الأول: أن يسبق المعنى إلى أفهام أهل اللغة عند سماع اللفظ بدون قرينة، فيعلم بذلك أنه حقيقة فيه. فإن كان لا يفهم منه المعنى المراد إلا بالقرينة فهو المجاز.

وقد اعترض على هذا الوجه باللفظ المشترك المستعمل فى معنييه أو معانيه، فإنه لا يتبادر أحدهما أو أحدها لولا القرينة المعينة للمراد مع أنه حقيقة.

وأجيب عن هذا: بأنه يتبادر جميعها عند من قال بجواز حمل المشترك على جميع معانيه، ويتبادر أحدها لا بعينه عند من منع من حمله على جميع معانيه.

الثانى: صحة النفى للمعنى المجازى عدم صحته للمعنى الحقيقى فى نفس الأمر.

وقد اعترض على هذا بأن العلم بعدم صحة النفى موقوف على العلم بأن ذلك المعنى ليس من المعانى الحقيقية، وذلك موقوف على العلم بكونه مجازا، فإثبات كونه مجازا به دور (١).


(١) حقيقة الدور: هو حقيقة الشيء على ما توقف عليه.
وحقيقة التسلسل: هو ترتب أمور غير متناهية.
ومن أمثلة ذلك: قولنا من أدلة وجوب الوجود لله كونه تعالى يجب افتقار العالم إليه وكل من وجب افتقار العالم إليه فهو واجب الوجود فالله تعالى واجب الوجود.
دليل الصغرى: العالم حادث وكل حادث يجب افتقاره إلى محدث.
دليل الكبرى: أنه لو لم يكن واجب الوجود لكان جائزه فيفتقر إلى محدث ويفتقر محدثه إلى محدث.
فإن رجع الأمر إلى الأول مباشرة أو بواسطة فالدور لأن الأمر دار ورجع إلى مبدئه، وأن تتابع المحدثون واحدا بعد واحد إلى ما لا نهاية فالتسلسل لأنه تسلسل الأمر وتتابع- شرح البيجورى على الجوهرة ١/ ٥٧، ٥٨.

<<  <   >  >>