للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إحكامه كله أنه منظم رصين متقن متين لا يتطرق إليه خلل لفظى ولا معنوى، كأنه بناء مشيد محكم يتحدى الزمن، ولا يصيبه وهن ولا تصدع.

ومعنى كونه متشابها أنه يشبه بعضه بعضا فى إحكامه وحسنه وبلوغه حد الإعجاز فى ألفاظه ومعانيه. وأما أن بعضه محكم وبعضه متشابه فمعناه أن من القرآن ما اتضحت دلالته على مراد الله تعالى منه، ومنه ما خفيت دلالته على هذا المراد الكريم فالأول هو المحكم والثانى هو المتشابه (١).

وقد قال العلماء إن المحكم نوعان:

[(أ) محكم لذاته:]

وهو ما لا يقبل النسخ لمعناه، أو هو ما انقطع احتمال نسخه بما يدل على الدوام والتأبيد كقوله تعالى بالنسبة لحرمة التزوج بأمهات المؤمنين من بعده صلى الله عليه وسلم: وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً (٢) وقوله جل شأنه: وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً (٣) أو انقطع احتمال نسخه بحسب محل الكلام بأن يكون معنى الكلام فى نفسه مما لا يحتمل التبديل عقلا وذلك كالآيات الدالة على صفات البارى سبحانه، ومن ذلك الأخبار المحضة الصادرة من الشارع كقوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٤) وقوله: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥)


(١) الموافقات: ٣/ ٨٥، ومناهل العرفان: ٢/ ١٦٧.
(٢) سورة الأحزاب الآية: ٥٣.
(٣) سورة النور الآية: ٤.
(٤) سورة المجادلة الآية: ٧.
(٥) سورة الإسراء الآية: ١.

<<  <   >  >>