للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أدنى حالا من القاتل عمدا، لأنه معذور بعذر الخطأ، فالأولى أن تجب الكفارة على العامد وهو أعلى حالا (١). وقد تمسك الإمام الشافعى رحمه الله بهذا فى وجوب الكفارة على العامد بطريق الأولى لأن هذه الكفارة وجبت زجرا عن القتل لا لنفس الخطأ الذى نتج عنه القتل، وما دام القصد من الوجوب هو الزجر فاعتباره فى القتل العمد أولى وأنسب (٢).

أما الحنفية فيقولون إن قوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً متعارض مع قوله: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها (٣) فهذا القول الكريم يدل بإشارته على أنه ليس عليه كفارة، لأن الجزاء اسم للجزاء التام الكافى، فعلم أنه لا جزاء سوى جهنم.

ثم قالوا- أى الحنفية- لا يقال لو كان كذلك لما وجب على العامد القصاص. لأن القصاص جزاء المحلّ من وجه، لأنه شرع حقّا للأولياء لقوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ (٤) الآية وإن كان جزاء الفعل من وجه لكونه شرع زاجرا، والجزاء المضاف إلى الفاعل هو جزاء فعله من كل وجه، وجزاء فعله الكفارة فى الخطأ وجهنم فى العمد (٥).

[رابعا: دلالة الاقتضاء ودلالتها على الأحكام:]

الاقتضاء معناه فى اللغة الطلب (٦).


(١) تسهيل الوصول ١٠٣، ١٠٤.
(٢) مغنى المحتاج ٤/ ٤٨، وأحكام القرآن لابن العربى ١/ ٤٧٤.
(٣) سورة النساء الآية: ٢٩٣.
(٤) سورة المائدة الآية: ٤٥.
(٥) تسهيل الوصول للشيخ المحلاوى الحنفى ١٠٤، والشهاب ٣/ ٢٣.
(٦) لسان العرب ٥/ ٣٦٦٥

<<  <   >  >>