للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنصحه ثم تصلى فيه» (١). فإنه يدل باقتضاء النص على أنه لا يجوز غسل النجس بغير الماء من المائعات، لأنه لما أوجب الغسل بالماء اقتضت صحته أن لا يجوز بغير الماء، ولكنه يدل بعينه بدلالة النص على أنه يجوز غسله بالمائعات، وذلك لأن المعنى المأخوذ منه الذى يعرفه كل أحد هو التطهير وذلك يحصل بهما جميعا.

هذا ما رآه السادة (٢) الحنفية رضى الله عنهم، ويقولون: لا عموم للمقتضى هنا عندنا لأنه ثابت ضرورة صحة الكلام، فيقدر بقدر الضرورة وهى تندفع بإثبات فرد إذا كان له أفراد فلا دلالة له على إثبات ما وراءه.

وعند الإمام الشافعى رحمه الله يجرى فيه العموم والخصوص، لأنه عنده كالمحذوف الذى يقدر. وهذا أصل كبير مختلف بين الحنفية والشافعية، يتفرع عليه كثير من الأحكام حتى إذا قال: إن أكلت فامرأتى طالق، ونوى طعاما دون طعام لا يصدق عند الحنفية، لا ديانة ولا قضاء، وحنثه يكون بكل طعام لوجود ماهية الأكل، لا لأن الطعام عام. وعند الشافعية يصدق ديانة فإن الطعام عام لكونه نكرة فى سياق الشرط، وهو فى المعنى فى سياق النفى، فإن المعنى لا آكل طعاما وهو مقدر فى نظم الكلام، والمقدر كالملفوظ فيصح التخصيص بإرادة بعض المأكولات، ولما كانت هذه الإرادة خلاف الظاهر لأن الظاهر العموم لم يصدق قضاء.

[الخلاصة فى الدلالات:]

خلاصة ما تقدم فى دلالة العبارة والإشارة والدلالة والاقتضاء، أن


(١) الحت هو الحك والقرص هو الدلك بأطراف الأصابع والأظافر مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره- لسان العرب ١/ ٤٥٧٦٧/ ٣٥٨٧ - والحديث أخرجه مسلم فى صحيحه ١/ ١٣٦.
(٢) تخريج الفروع على الأصول للزنجانى ١٤٥، وتسهيل الوصول ١٠٦.

<<  <   >  >>