للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرق بين النسخ والتخصيص:]

سبق أن اخترت للنسخ تعريف التلمسانى وابن الحاجب وغيرهما، وهو: رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر. وقد عرف الأصوليون التخصيص فقالوا: هو قصر العام على بعض أفراده (١).

ومن أمثلته: قول الله تعالى:

وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (٢) مع قوله جل شأنه: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً (٣).

والناظر فى الآية الثانية يفهم بحسب الظاهر أن عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا مطلقا، سواء كانت حاملا أو غير حامل. بينما تنص الآية الأولى على أن عدة الحامل بوضع الحمل، ومن ثم قال العلماء إنها مخصصة للآية الثانية، وعليه فالمتوفى عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرا، ما لم تكن حاملا وإلا فعدتها بوضع الحمل (٤).

والحق أن المتأمل فى تعريف كل من النسخ والتخصيص يجد تشابها كبيرا بينهما وذلك لأن النسخ فيه ما يشبه تخصيص الحكم ببعض الأزمان والتخصيص فيه ما يشبه رفع الحكم عن بعض الأفراد، ومن أجل هذا التشابه الكبير بين النسخ والتخصيص فرق بينهما كل من مسك قلما وكتب فى النسخ، وذلك لأن هناك من العلماء من ذهب إلى القول بإنكار النسخ فى الشريعة، زاعما أن كل ما تسميه نسخا فهو تخصيص،


(١) غاية الوصول ٧٥.
(٢) سورة الطلاق الآية: ٤.
(٣) سورة البقرة الآية: ٢٣٤.
(٤) أحكام القرآن لابن العربى ١/ ٢٠٨، وتفسير ابن كثير ٨/ ١٧٤، والإحكام للآمدى ٢/ ١٤٦، والتعارض والترجيح للمؤلف ١٩٢.

<<  <   >  >>