للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث فى النسخ بين مثبتيه ومنكريه]

إن علماء الإسلام أجمعوا على أن النسخ جائز عقلا، وواقع شرعا، وكذلك أهل الشرائع جميعا مساعدا اليهود والنصارى، ونحن معشر المسلمين إنما قلنا بجوازه ووقوعه لأن المنطق السليم لا يسعه إلا الإقرار بجواز النسخ عقلا كما أن الواقع التاريخى يؤكد وقوعه شرعا.

فالقرآن الكريم وهو كتاب الله الخالد، قرر على كل إنسان أن يؤمن به ويمتثل لما فيه ويسير على دربه (١) وهذا هو النسخ بمعناه العام:

نسخ شريعة لشريعة سابقة.

كما أن الناظر فى تاريخ شريعتنا الإسلامية يرى أحكاما نسخت أحكاما سابقة عليها، وهذا هو النوع الثانى من النسخ: يعنى نسخ حكم لحكم فى شريعة واحدة.

ولقد استمر المسلمون على هذا الحال ما يزيد على ثلاثة قرون. لم يشك مسلم واحد فى أن دين الإسلام هو دين البشرية كلها حتى يرث الله الأرض ومن عليها، كما أنه لم بشك واحد منهم طوال هذه الفترة فى أن بعض الأحكام الجزئية العملية التى شرعها الإسلام، قد نسختها أحكام أخرى فى موضوعها، ومن المعلوم أن كلا من الحكمين الحكم الناسخ وكذلك الحكم المنسوخ كان هو الحق فى زمانه.

غير أنه فى القرن الرابع الهجرى ظهر العالم المفسر أبو مسلم الأصفهانى (٢) واشتهر عنه أنه ينكر النسخ.


(١) الدرب: العادة والطريقة- لسان العرب ٢/ ١٣٥٠ - .
(٢) هو محمد بن بحر أبو مسلم الأصفهانى. كان معروفا بالعلم والفضل وله الكثير من

<<  <   >  >>