للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم ولما لم يقل هذا أحد من قدمائهم أنه ذكره دلّ على كذب ابتدعوه».

ثانيا: أن لفظ التأبيد الذى اعتمدوا عليه فيما نقلوه لا يصلح حجة لهم، لأنه يستعمل كثيرا عند اليهود معدولا به عن حقيقته. من ذلك ما جاء فى البقرة التى أمروا بذبحها: «هذه سنة لكم أبدا» وما جاء فى القربان: «قربوا كل يوم خروفين قربانا دائما» مع أن هذين الحكمين منسوخان باعتراف اليهود أنفسهم. على رغم التصريح فيهما بما يفيد

التأبيد.

ثالثا: أن اعترافهم بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول أيده الله بالمعجزات وجاءت البشارة به فى التوراة يقضى عليهم لا محالة أن يصدقوه فى كل ما جاء به، ومن ذلك أن رسالته عامة وأنها ناسخة للشرائع السابقة جميعا حتى شريعة موسى عليه السلام الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان أخى موسى حيّا ما وسعه إلا اتباعى» (١). أما أن يؤمنوا برسالته ثم لا يصدقوه فى عموم دعوته فذلك هو التناقض والمكابرة (٢).

قال ابن عبد الشكور رحمه الله (٣):

«أجمع أهل الشرائع من المسلمين والنصارى (٤) على جوازه عقلا، أى العقل يجوزه ولا يحيله خلافا لليهود إلا العيسوية وهم أصحاب أبى عيسى الأصفهانى، وهم اعترفوا بنبوة سيد العالم صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم، لكن إلى العرب فقط وهم بنو إسماعيل


(١) أخرجه أحمد فى مسنده ٣/ ٣٨٧.
(٢) مناهل العرفان ٢/ ١٠٢.
(٣) فواتح الرحموت ٢/ ٥٥.
(٤) جنح النصارى فى هذا العصر إلى القول بأن النسخ محال عقلا وشرعا- كما تقول الشمعونية من اليهود- وتشيعوا له تشيعا ظهر فى حملاتهم المتكررة على الإسلام وفى طعنهم على هذا الدين القويم من طريق النسخ.

<<  <   >  >>