للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب زيد بن اسلم والنخعى ومالك والشافعى وأبو حنيفة وغيرهم (١) من الفقهاء إلى القول بأن قوله تعالى: أو آخران من غيركم منسوخ بقوله تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ (٢) وقوله: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ (٣) قالوا: إن شهادة الكفار سقطت، وقد أجمع المسلمون على أن شهادة الفساق لا تجوز والكفار فساق فلا تجوز شهادتهم.

وقال أبو حنيفة (٤): تجوز شهادة الكفار بعضهم على بعض، ولا تجوز على المسلمين، والراجح أنه لا نسخ فى الآية، وأن شهادة أهل الكتاب على المسلمين جائزة فى السفر إذا كانت وصية.

قال القرطبى رحمه الله (٥):

وهو الأشبه بسياق الآية، وهو قول ثلاثة من الصحابة الذين شاهدوا التنزيل: أبو موسى الأشعرى، وعبد الله بن قيس، وقيل ابن مسعود، وعبد الله بن عباس رضى الله عنهم. وعلى هذا فمعنى الآية أن الله عز وجل أخبر أن حكمه فى الشهادة على الموصى، إذا حضر الموت أن تكون شهادة عدلين. فإن كان فى سفر، وهو الضرب فى الأرض، ولم يكن معه أحد من المؤمنين فليشهد شاهدين ممن حضره من أهل الكفر، فإذا قدما وأدّيا الشهادة على وصيته حلفا بعد الصلاة أنهما ما كذبا وما بدّلا، وأن ما شهدا به حق ما كتما فيه شهادة وحكم بشهادتهما.

وقال الإمام أحمد (٦) رضى الله عنه: شهادة أهل الذمة جائزة على المسلمين فى السفر عند عدم المسلمين. فحمل هذه الآية على عدم وجود


(١) أحكام القرآن للإمام الشافعى ٢/ ١٤٦.
(٢) سورة الطلاق الآية: ٢.
(٣) سورة البقرة الآية: ٢٨٢.
(٤) بدائع الصنائع للكاسانى ٦/ ٢٨٠، ٢٨١.
(٥) تفسير القرطبى ٢/ ٢٣٤٦.
(٦) مطالب أولى النهى ٦/ ٦١٠.

<<  <   >  >>