للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نوقش هذا الاستدلال بما يلى (١):

أولا: أن الآية لا تدل على انحصار وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم فى البيان، لأنها خالية من جميع طرق الحصر، وكل ما تدل عليه الآية هو أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مبينة للقرآن، وذلك لا ينفى أن تكون ناسخة له، ونظير هذه الآية قوله تعالى:

تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (٢) فإنه يفيد أنه صلى الله عليه وسلم نذير للعالمين ولا تنفى عنه أنه بشير أيضا للعالمين.

ثانيا: أن وظيفة السنة لو انحصرت فى بيان القرآن ما صح أن تستقل بالتشريع، مع أن إجماع الأمة قائم على أنها قد تستقل بالتشريع كحظره صلى الله عليه وسلم أن يورث بقوله صلى الله عليه وسلم:

«نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» (٣).

قال الإمام الرازى رحمه الله (٤):

ليس فى قوله تعالى: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ دليل على أنه لا يتكلم إلا بالبيان. كما أنك إذا قلت: «إذا دخلت الدار لا أسلم على زيد» ليس فيه أنك لا تفعل فعلا آخر. اه.

ثالثا: على فرض دلالة الآية على الحصر، فالمراد بالبيان فيها التبليغ لا الشرح، وقد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم كل ما أنزله الله إلى الناس وهذا لا ينافى أنه نسخ ما شاء الله نسخه بالسنة.


(١) المحصول ١/ ٥١٣، الإحكام للآمدى ٣/ ١٤٢، ومناهل العرفان ٢/ ١٣٤.
(٢) سورة الفرقان الآية: ١.
(٣) أخرجه مسلم فى صحيحه ٢/ ٨١.
(٤) المحصول ١/ ٥١٣.

<<  <   >  >>