للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمعنى الأذى بقوله جل جلاله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ فبعد الانقطاع على أكثر مدة الحيض لا يجوز تراخى الحرمة إلى الاغتسال، لأنه يؤدى إلى جعل الطهر الذى هو ضد الحيض حيضا، وهو تناقض أو يؤدى إلى منع الزوج عن حقه وهو القربان بدون العلة المنصوص عليها، وهى الأذى وكلاهما فاسد.

وتحمل القراءة بالتشديد على الانقطاع على ما دون أكثر مدة الحيض، لأن فى هذه الحالة لا يثبت الانقطاع بيقين، لتوهم أن يعاودها الدم ويكون ذلك حيضا، فلا بدّ من مؤكد لجانب الانقطاع وهو الاغتسال أو ما يقوم مقامه.

هذا هو ما ذهب إليه السادة الحنفية لدفع التعارض بين القراءتين.

والحق أن الحائض لا تحل لزوجها إلا بعد انقطاع الدم والاغتسال، وقراءة التشديد فى هذا صريحة، وأما القراءة بالتخفيف فإن كان المراد به أيضا الاغتسال كما قال ابن عباس رضى الله عنهما وجماعة لقرينة قوله تعالى: فَإِذا تَطَهَّرْنَ فواضح، وإن كان المراد به انقطاع الحيض فقد ذكر بعده شرط آخر وهو قوله تعالى: فَإِذا تَطَهَّرْنَ وعليه فلا بد منهما معا (١).

قال الشيخ القرطبى رحمه الله بعد أن رجح ما رجحه الجمهور من اشتراط الغسل (٢):

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد (٣): إن انقطع دمها بعد مضى


(١) أحكام القرآن لابن العربى ١/ ١٦٤، والغاية القصوى فى دراية الفتوى للبيضاوى ١/ ٢٥٣.
(٢) تفسير القرطبى ١/ ٨٩٦.
(٣) الإمام أبو حنيفة هو النعمان بن ثابت ولد بمدينة الكوفة ورأى بعض الصحابة وكان فقيها عظيم القدر وتوفى رحمه الله سنة ١٥٠ هـ- الفتح المبين ١/ ١٠١.

<<  <   >  >>