للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثانى فى الطرق الموصلة إلى معرفة المكى والمدنى]

يلاحظ أنه لا طريق إلى معرفة المكى والمدنى إلا بما ورد عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين فى ذلك.

فالمعروف عند أهل العلم أنه لم يرد عن النبى صلى الله عليه وسلم بيان لكل من المكى والمدنى، إذ لو بينه لظهر وانتشر، وإنما لم يفعله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يؤمر به، ولم يجعل الله سبحانه وتعالى علم ذلك من فرائض الأمة، وإن وجب فى بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ، ليعرف الحكم الذى تضمنهما فقد يعرف ذلك بغير نص الرسول صلى الله عليه وسلم بعينه وقوله هذا هو الأول المكى وهذا هو الآخر المدنى.

وكذلك الصحابة والتابعون من بعدهم لما لم يعتبروا أن من فرائض الدين تفصيل جميع المكى والمدنى، مما لا يسوغ الجهل به لم تتوافر الدواعى على إخبارهم به، ومن ثم ساغ أن يختلف فى بعض القرآن هل هو مكى أو مدنى؟ وأن يعملوا فى القول بذلك ضربا من الرأى والاجتهاد (١).

فالنبى صلى الله عليه وسلم لم يؤمر ببيان المكى والمدنى والصحابة رضوان الله عليهم كانوا فى زمانه فى غنى عن هذا البيان، لأنهم كانوا يشاهدون الوحى والتنزيل، ويعرفون مكانه وزمانه وأسباب نزوله فهل بعد العيان بيان؟


(١) البرهان فى علوم القرآن ١/ ١٩١.

<<  <   >  >>