للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث إن عدم بلوغه بخبر التواتر للذين لم يشاهدوه لا يكون حجة قاطعة بالنسبة لهم، وبالتالى لا يكون حجة عليهم فى صدقه صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من عدم بلوغ حفاظ القرآن فى العصر النبوى حد التواتر أن يكون الحفاظ لآحاد آياته كذلك. وأما التوقف فى جمع آيات القرآن على أخبار الآحاد فلم يكن فى كونها قرآنا، بل فى تقديمها وتأخيرها بالنسبة إلى غيرها وفى طولها وقصرها (١).

وأما ما اختلفت به المصاحف فما كان من الآحاد فليس من القرآن، وما كان متواترا فهو منه.

وأما الاختلاف فى التسمية إنما كان فى وضعها فى أول كل سورة لا فى كونها من القرآن كما سيأتى، وما روى عن ابن مسعود رضى الله عنه من إنكار كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن غير صحيح.

قال صاحب فواتح الرحموت (٢):

«قالوا ما نقل آحادا فليس بقرآن قطعا، واستدل بأن القرآن مما تتوافر الدواعى على نقله لتضمنه التحدى، ولأنه أصل الأحكام، فوجوده ملزوم للتواتر عند الكل عادة، فإذا انتفى اللازم- التواتر- انتفى الملزوم قطعا، وما نقل عن ابن مسعود رضى الله عنه من إنكار الفاتحة والمعوذتين لم يصح».

وقال الشيخ النووى رحمه الله (٣):

أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منه شيئا كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.

وقال ابن حزم رحمه الله (٤):

« .... وكل ما روى عن ابن مسعود من أن المعوذتين وأم القرآن لم تكن فى مصحفه فكذب موضوع لا أصل له»


(١) البرهان فى أصول الفقه لإمام الحرمين ١/ ٦٦٦ - ٦٦٩.
(٢) فواتح الرحموت ٢/ ٩.
(٣) المجموع ٣/ ٣٩٦.
(٤) المحلى ١/ ١٣.

<<  <   >  >>