للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم ينكر عليه منكر فدل على كونها من القرآن فى أول كل سورة.

والحجة فيما ذهب إليه الإمام الشافعى رحمه الله، ومن نهج نهجه للأدلة السابقة، ولأن عمل أهل المدينة ليس حجة فالحجة فى إجماع الأمة (١) وهم بعضها، وما روى عن أنس وعائشة رضى الله عنهما فمعناه أنهم كانوا لا يقرءون قبل الفاتحة شيئا (٢).

قال الشيخ محمود خطاب السبكى بعد أن ذكر حديث أنس رضى الله عنه (٣):

حديث الباب لا يحتج به لاضطرابه، واختلاف ألفاظه مع تغاير معانيها، لأن أنسا قال فيه مرة: كانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين. ومرة قال: ولم أسمعهم يقرءونها. ومرة سئل عن ذلك فقال:

نسيت.

وعلى تقدير ترجيح بعض ألفاظ هذه الروايات المختلفة على باقيها، وردّ ما خالفها إليها فلا يرجح إلا لفظ حديث الباب- أنهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين- لأن أكثر الرواة على هذا اللفظ .... وما تقدم فى بعض روايات الحديث من قول أنس:

لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فى أول قراءة، ولا فى آخرها. فالمراد أنهم لا يذكرونها جهرا فى أول الفاتحة، ولا فى أول السورة بعدها، وليس المراد نفى ذكرها البتة لما فى بعض روايات الحديث من أنهم كانوا يسرّون بها. اه.

هذا وقد ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله مذهبا وسطا، حيث رأى أن كتابتها فى المصحف تدل على قرآنيتها، ولكن لا تدل على أنها بعض


(١) البرهان لإمام الحرمين ١/ ٧٢٠.
(٢) أحكام القرآن لابن العربى ١/ ٣.
(٣) المنهل العذب المورد شرح سنن أبى داود ٥/ ١٩٩.

<<  <   >  >>