للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الآيات الكريمة تدل على أنه ليس فيه غير العربى (١).

ثانيا: أن الله عز وجل جعل القرآن معجزة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ودلالة صدقه ليتحداهم به، فلو كان فيه غير العربى لما صح، التحدى به، لأن الكفار يجدون إلى ردّه طريقا بأن يقولوا إن فيما أتيت به غير العربى، ونحن لا نقدر على كلام بعضه عربى وبعضه عجمى، وإنما نقدر على معارضة العربى المحض (٢). وذهب بعض المتكلمين إلى القول بأن فى القرآن الكريم كلمات بغير العربية. ونسب الآمدى (٣) هذا القول إلى ابن عباس وعكرمة رضى الله عنهم.

[وقد استدلوا عليه بما يلى:]

أولا: إن القرآن الكريم مشتمل على ألفاظ بغير العربية كالمشكاة [كوة بالهندية] والسجيل والإستبرق بالفارسية، وفيه ما لا يعرفه العرب وهو الأبّ فى قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٤) فدل على أن فيه غير العربى.

والجواب: لا نسلم أن فى القرآن كلمات غير عربية، بل كل الموجود بلغة العرب وإنما وافقتها الفرس والهند فى النطق بها كما وافقوا فى كثير من كلامهم فيقولون: حراج مكان سراج، والشراويل مكان السراويل، والفرس يقولون فى السماء اسمان وفى الجبال أوجبا وغير ذلك من الأسماء. والذى يدل عليه هو أن الله تعالى أضاف ذلك إليهم فدل على أنهم سبقوا إلى ذلك وتبعهم الفرس والهند.

قال ابن جرير الطبرى رحمه الله (٥):

ما ورد عن ابن عباس رضى الله عنهما وغيره من تفسير ألفاظ من


(١) المستصفى ١/ ١٠٥، والتبصرة ١٨١.
(٢) المحض هو الخالص- مختار الصحاح ٦١٦.
(٣) الإحكام ١/ ٤٧.
(٤) سورة عبس الآية: ٣١.
(٥) الإتقان ٢/ ١٢٥.

<<  <   >  >>