للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الترجمة الحرفية بغير المثل: فمعناها أن يترجم نظم القرآن حذوا بحذو بقدر طاقة المترجم وما تسعه لغته. وهذا أمر ممكن وهو وإن جاز فى كلام البشر لا يجوز بالنسبة لكتاب الله العزيز، لأن فيه من فاعله إهدارا لنظم القرآن وإخلالا بمعناه وانتهاكا لحرمته فضلا عن كونه فعلا لا تدعو إليه ضرورة. اه.

[ومن أمثلة الترجمة الحرفية على فرض إمكانها:]

قال تعالى: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ (١) فلو أراد إنسان أن يترجم هذه الآية ترجمة حرفية فإنه يأتى بكلام من لغة الترجمة يدل على النهى عن ربط اليد فى العنق، وعن مدها غاية المد، مع رعاية ترتيب الأصل ونظامه، بأن تأتى بأداة النهى أولا، يليها الفعل المنهى عنه متصلا بمفعوله ومضمرا فيه فاعله. لكن هذا التعبير الجديد قد يخرج فى أسلوب غير معروف ولا مألوف فى تفهيم المترجم، أهم ما يرمى إليه الأصل من النهى عن التقتير والتبذير، بل قد يستنكر المترجم لهم هذا الوضع الذى صيغ به هذا النهى ويقولون: ما باله ينهى عن ربط اليد بالعنق وعن مدها غاية المد؟ وقد يلصقون هذا العيب بالأصل ظلما وما العيب إلا فيما يزعمونه ترجمة للقرآن من هذا النوع.

قال الشيخ الزرقانى رحمه الله (٢):

قال بعضهم: إن الترجمة الحرفية مستحيلة. وقال آخرون: إنها ممكنة فى بعض الكلام دون بعض. ولقد علمت بأنها بعد هذه الصعوبات يكتنفها الغموض وخفاء المعنى المقصود كما مرّ فى المثال السابق اه.

وأما الترجمة التفسيرية فمعناها: شرح الكلام وبيان معناه بلغة أخرى بدون مراعاة لنظم الأصل وترتيبه، وبدون المحافظة على جميع


(١) سورة الاسراء الآية: ٢٩.
(٢) مناهل العرفان ٢/ ٨، ١٠.

<<  <   >  >>