للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنهم سألوه أن يكتب لهم ترجمة فاتحة الكتاب، فلم يكتبها لهم، وكتب ترجمة البسملة. فلو كانت الترجمة ممكنة شرعا لأجابهم إلى ما طلبوا وإلا كان آثما.

سادسها: المتأمل فى هذا الخبر يدرك أن البسملة ذاتها لم تترجم لهم كاملة لأن هذه الألفاظ التى ساقتها الرواية على أنها ترجمة للبسملة لم يؤت فيها بلفظ مقابل للفظ (الرحمن) وكأن ذلك لعجز اللغة الفارسية عن وجود نظير فيها لهذا الاسم الكريم. وهذا دليل على أن المراد بالترجمة هنا الترجمة اللغوية لا العرفية وذلك على فرض ثبوت الرواية (١).

فإن قيل: إذا كانت الترجمة حراما فكيف نبلغ هداية القرآن إلى الأمم الأخرى وهو واجب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مرسل إلى العالم كله؟

[والجواب من وجوه:]

أولا: إن تبليغ الأمم الأجنبية هداية القرآن لا يتوقف على ترجمته لهم ترجمة حرفية، بل يمكن أن يحصل بترجمته على المعنى اللغوى السابق، وهو تفسير القرآن لهم باللغة التى يفهمونها.

ثانيا: مما تقدم يعلم أن ترجمة القرآن ترجمة حرفية مستحيلة، والله عز وجل لا يكلفنا بالمستحيل. قال تعالى:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها (٢) ثالثا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتخذ هذه الترجمة وسيلة إلى تبليغ الأجانب، مع أنه قد دعا العرب والعجم، وكاتب كسرى وقيصر، وراسل المقوقس والنجاشى، وكانت جميع كتبه لهم عربية العبارة ليس فيها آية واحدة مترجمة فضلا عن ترجمة القرآن كله. وهؤلاء الملوك


(١) مناهل العرفان ٢/ ٥٥.
(٢) سورة البقرة الآية: ٢٨٦.

<<  <   >  >>