للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها. ولو كان لله فى العلم بأى ذلك، من أى رضا، لم يخل عباده من نصب دلالة لهم عليها، يصلون بها إلى معرفة عينها، ليطيعوه بعلمهم بها، كما فعل ذلك فى كل ما العلم به له رضا.

فالصواب فى ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه، فأكلا منها، كما وصفهما الله جل ثناؤه به، ولا علم عندنا بأى شجرة كانت على اليقين، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك فى القرآن، ولا فى السنة الصحيحة، فأنى يأتى ذلك؟ وقد قيل: كانت شجرة البر، وقيل: كانت شجرة العنب، وقيل، كانت شجرة التين، وجائز أن تكون واحدة منها.

وذلك علم، إذا علم، لم ينفع العالم به علمه، وإذا جهله جاهل لم يضره جهله به (١) هـ ..

هذا هو الذى يستريح إليه العقل والقلب. وهو يكفينا جدا فى فهم كلام الله، ولو اقتصر أبو جعفر عليه لكان خيرا له وللمسلمين .. وهذا النموذج من التفسير هو الذى أدعو الى الاقتصار عليه فيما دعوت إليه من تجريد تفسير الطبرى مع ضميمة ما يوجد من حديث صحيح.

[خطته فى المبهمات:]

والخطة التى سار عليها الطبرى فى تفسيره من عدم الجرى وراء معرفة أشياء مبهمة لم يبينها القرآن ولا السنة، ولا ضرر من عدم معرفتها، هذه الخطة هى المثلى فى

تفسير القرآن، وقد سار عليها، وهاجم الذين يتعبون أنفسهم فى الجرى وراء معرفة نوع الشجرة، كما قرأت سابقا، كما هاجم الذين يحاولون معرفة الذى كان على مائدة عيسى: أسمك أم غيره؟ فى أواخر سورة المائدة، ومعرفة عدد الدراهم التى بيع بها يوسف: أهي عشرة أم عشرون أم أكثر؟ .. وأمثال ذلك فى القرآن، ملتزما قاعدة: [العلم بها غير نافع، والجهل بها غير ضار].

ولو كان العلم بها نافعا لبينه الله .. وبذلك سد الباب على الفضوليين الذين


(١) ص ٥٢٠، ٥٢١ ج ١ تحقيق الأخوين: شاكر ..

<<  <   >  >>