للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(٤) مناسبات النزول]

القرآن الكريم هو الكلام العربي الذي سما- كما قلنا آنفا- إلى أعلى درجات البلاغة. والبلاغة: هي مطابقة الكلام لمقتضيات الأحوال. فلا بد لمعرفة معاني القرآن على الحقيقة من معرفة هذه المقتضيات والمناسبات التي اقترن نزول الآيات بها.

فمناسبات النزول، بما أنها مقتضيات الأحوال التي نزل بعض آيات القرآن الكريم استجابة لها، تلقي ضوءا على وجوه الإعجاز البياني. فضلا عن أنها من عناصر الاسترشاد والاستيضاح التي تعين على فهم المراد من الآية الكريمة. ومن ثمّ .. قرر الشاطبي أن معرفة أسباب التنزيل لازمة لمن أراد علم القرآن، والدليل على ذلك أمران:

أحدهما: أن علم المعاني والبيان (الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن، فضلا عن معرفة مقاصد كلام العرب) إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال حال الخطاب، من جهة نفس الخطاب أو المخاطب أو المخاطب أو الجميع؛ إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالين، وبحسب مخاطبين .. وغير ذلك، فلفظ الاستفهام- مثلا- واحد، ولكنه يختلف إلى: حقيقي، وإنكاري، وتوبيخي، وتعجبي. ولفظ الأمر واحد، ولكنه يختلف معناه إلى ما هو: للطلب، أو للتهديد، أو للإباحة.

<<  <   >  >>