للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قراءة: وَالصَّابِئُونَ بالرفع، وهى قراءة الجمهور، فقد قال العلماء فى بيان ذلك أنه من المقدم الذى معناه التأخير، كأنه قال: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابئون والنصارى كذلك.

وأما قوله: حتى لقد جعل منها تشريعا قائما عند ما أباح للمسلم أن يتزوج بكتابية على غير دينه، وأن تبقى على دينها.

فنقول: لقد بينا المعنى الصحيح للآية، ذلك المعنى الذى لا يجوز فهم غيره منها، وهو الذى قال به أئمة المفسرين، وليس فى هذا المعنى ما يدل أقل دلالة ولا يشير أدنى إشارة إلى زواج المسلم من الكتابية، حتى ولا فى مذهبه الفاسد الذى أبطلناه لا توجد هذه الدلالة، فلا يلزم من مذهبه هذا، كل من آمن وعمل صالحا من أى دين فله أجره عند ربه، لا يلزم منه زواج المسلم من الكتابية؛ لأنه لو جاز زواج المسلم من الكتابية بمقتضى هذا المذهب لجاز للمسلم أيضا زواج المرأة الزرادشتية والكونفشيوسية، ولا يقول بذلك مسلم.

نعم أباح الله تعالى زواج المسلم من الكتابية بآية أخرى من سورة المائدة، وهى:

الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ إلى أن قال: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة: ٥]. قال الخطيب الشربينى عند هذه الآية فى قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، قال: هم اليهود والنصارى، أى أحل لكم أن تنكحوهم وإن كن حربيات. وقال ابن عباس: لا تحل الحربيات، وأما الإماء المسلمات، فيحل نكاحهن فى الجملة، بخلاف الإماء الكتابيات، فلا يحل نكاحهن عند أبى حنيفة، رحمه الله تعالى.

هذا وقد جاء فى مجلة «منبر الإسلام» عدد جمادى الأول سنة (١٣٨٤ هـ) مقال بعنوان: حول ترجمة القرآن، للأستاذ محمد وصفى، فيه ما يأتى: قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: ٦٢].

لقد ذهب المستشرقون إلى ترجمة هذه الآية الكريمة ترجمة مضللة بعيدة كل البعد عن المعنى الحقيقى الذى هدفت إليه، ومناقضة لتعاليم الإسلام وعقائد المسلمين صريحا إلى

<<  <   >  >>