للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عالما مختارا، أو كونه واحدا أو كونه منزها عن النقائص والآفات، وأنكر نبوة محمد أو صحة القرآن الكريم أو أنكر الشرائع التي علمنا بالضرورة كونها من دين محمد كوجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج وحرمة الربا والخمر، فذلك يكون كافرا لأنه ترك تصديق الرسول فيما علم بالضرورة أنه من دينه.

(سواء) اسم بمعنى الاستواء، وصف به كما يوصف بالمصادر. ومنه قوله تعالى:

تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ.

فالمعنى أن هؤلاء المصرين على كفرهم من الكفار يستوي لديهم إنذارك لهم وتركك الإنذار، ذلك لأن نفوسهم الجاحدة قد وقفت حائلا دون نفاذ دعوة الحق إلى آذانهم.

٧ - خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ

الختم والكتم أخوان، لأن في الاستيثاق من الشيء بضرب الخاتم عليه كتما له وتغطية لئلا يتوصل إليه. فهذه القلوب المغلقة أصبحت كالمختوم عليها، لا تنفذ إليها هداية. وكذلك الختم على السمع يعني إغلاقه بغطاء كثيف يعوق السمع عن أداء وظيفته. ونسبة الختم إلى الله هنا من المسائل التي قد يختلف فهمها بين المعتزلة وسواهم. فالمعتزلة الذين يقولون إن الإنسان حرّ الإرادة يختار أعماله يرون أن نسبة الختم إلى الله هنا من قبيل المجاز البلاغي. فهم باختيارهم الكفر والضلال، وإصرارهم على ذلك، أصبحوا وكأن قلوبهم قد ختم عليها. يقول الزمخشري:

«وأما إسناد الختم إلى الله عز وجلّ فلينبّه على أن هذه الصفة في فرط تمكنها وثبات قدمها كالشيء المخلوق غير العرضي. ألا ترى إلى قولهم فلان مجبول على كذا ومفطور عليه». أما القائلون بأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى فهذا الكلام على مذهبهم ظاهر (الفخر الرازي). وهذه الآية تتعلق بمشكلة الجبر والاختيار. ومن

<<  <   >  >>