للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن الرواية ضعيفة وبعيدة عن الصحة ولاعتقاده بأنها من الاسرائيليات، أما إذا كانت الرواية ذات مساس بالدين وتعلق به فقد كان ينبّه على درجة الرواية ومبلغها من الصحة أو الضعف ولو بطريق الإجمال.

يقول في تفسير قول الله تعالى:

وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً ... (١)

«روي أنه لما أمر ببناء الصرح، جمع هامان العمال حتى اجتمع خمسون ألف بنّاء سوى الأتباع والأجراء، وأمر بطبخ الآجر والجص ونجر الخشب وضرب المسامير، فشيده حتى بلغ ما لم يبلغه بنيان أحد من الخلق، فكان الباني لا يقدر أن يقوم على رأسه يبني، فبعث الله تعالى جبريل عليه السلام عند غروب الشمس فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع، وقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل، ووقعت قطعة في البحر، وقطعة في المغرب ولم يبق أحد من عماله إلا قد هلك، ويروى في هذه القصة أن فرعون ارتقى فوقه فرمى بنشّابه إلى السماء، فأراد الله أن يفتنهم، فردت إليه ملطوخة بالدم، فقال: قد قتلت إله موسى، فعندها بعث الله جبريل عليه السلام لهدمه والله أعلم بصحته» (٢) فنحن نلاحظ هنا أن القصة صدّرها بقوله «روي» وعقب عليها بقوله «والله أعلم بصحته» مما يدل على أنه متشكك في صحة هذه الرواية.

(٢) حملة صاحب الكشاف على أهل السنّة:

الزمخشري كما قلنا، عنيف في خصومته، حريص على أن يحوّل الآيات القرآنية التي وردت في حق الكفار إلى ناحية مخالفيه في العقيدة من أهل السنة،


(١) سورة القصص ٣٨
(٢) الكشاف ج ٢

<<  <   >  >>