للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[طريقته في التفسير]

يعتبر الاستاذ الامام، الأول الذي قام وحده من بين رجال الازهر بالدعوة إلى التحرر من قيود التقليد، وإلى التجديد، فاستعمل عقله الحر في كتاباته وبحوثه، ولم يجر على ما جمد عليه غيره من افكار المتقدمين، واقوال السابقين، فكان له من وراء ذلك آراء وأفكار خالف بها من سبقه، فأغضبت عليه الكثير من أهل العلم، وجمعت حوله قلوب مريديه والمعجبين به.

هذه الحرية العقلية، وهذه الثورة على القديم، كان لهما أثر بالغ في المنهج الذي نهجه الشيخ لنفسه، وسار عليه في تفسيره.

فهو قد اتخذ لنفسه مبدأ يسير عليه في تفسير القرآن الكريم، ويخالف به جماعة المفسرين المتقدمين. إذ يفهم كتاب الله من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة، «لأنه يرى أن هذا هو المقصد الأعلى للقرآن، وما وراء ذلك من المباحث فهو تابع له، أو وسيلة لتحصيله. (١)

والاستاذ الإمام يقسم التفسير إلى قسمين:- أولا: جاف مبعد عن الله وكتابه، وهو ما يقصد به حل الالفاظ، وإعراب الجمل، وبيان ما ترمي اليه تلك العبارات والاشارات من النكت الفنيّة.

قال: وهذا لا ينبغي أن يسمى تفسيرا، وإنما هو ضرب من التمرين في الفنون، كالنحو والمعاني وغيرهما.

ثانيا: أن يذهب المفسر إلى فهم المراد من القول، وحكمة التشريع في العقائد والأحكام، على الوجه الذي يجذب الأرواح، ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام؛ ليتحقق فيه معنى قول الله تعالى (هدى ورحمة) ونحوهما من الأوصاف. وفي هذا يقول: «وهذا هو الغرض الأول الذي ارمي إليه في قراءة التفسير (٢).


(١) تفسير المنار ج ١
(٢) تفسير المنار ج ١

<<  <   >  >>