للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحن فيه، وهو يكون بحادثة من الحوادث التي قد ينجرّ إليها سير العالم، كأن يمر كوكب في سيره بالقرب من آخر فيتجاذبا فيتصادما فيضطرب نظام الشمس بأسره، ويحدث من ذلك غمام وأي غمام، يظهر في مواضع متفرقة من الجو والفضاء الواسع، فتكون السماء قد تشققت بالغمام واختل نظامها حال ظهوره (١).

وهو تفسير اجتهادي غايته منه تقريب معاني القرآن من بعض ما تحدث به أصحاب العلوم الطبيعية في زمانه عن ظواهر الكون وقرروا ثبوته. ولكن .. هل يا ترى، لا بد من حدوث هذه الظاهرة الكونية، حتى يفسد الكون؟ وهل ربّ العالمين بحاجة إلى ذلك أو إلى بعضه ليتم أمره وينفذ قضاءه؟ الأجدر بنا أن نؤمن بما جاء به من القرآن، ولا نخوض فيما وراء ذلك من تفصيلات أو جزئيات.

[موقف الإمام من السحر:]

لقد وقف الإمام من السحر موقفا عقليا صريحا، نراه يقول في تفسيره لقول الله تعالى وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٢) بعد أن شرح معنى النفث والعقد، المراد بهم هنا- يقصد النفّاثات- هم النمامون، المقطعون لروابط الألفة، المحرقون لها بما يلقون عليها من ضرام نمائمهم، وإنما جاءت العبارة كما في الآية، لأن الله جلّ شأنه أراد أن يشبههم بأولئك السّحرة المشعوذين، الذين إذا أردوا أن يحلوا عقدة المحبة بين المرء وزوجته- مثلا- فيما يوهمون به العامة، عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها وحلوها، ليكون ذلك حلا للعقدة التي بين الزوجين. والنميمة تشبه أن تكون ضربا من السحر، لأنها تحول


(١) تفسير جزء (عم) ص ٤٣
(٢) سورة الفلق ٤

<<  <   >  >>