للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وثمة معنى ثالث يفهم من قراءة القصر، وهو على تقدير مضمر: (أمرنا مترفيها بالاستقامة، ففسقوا فيها، فحق عليها القول) ويقوي هذا المذهب ورود جوابه بفاء العطف التي تفيد العطف والتعقيب مع الفور.

ولا يخفى أن محل الخلاف هنا هو التأويل وليس القراءة.

[فائدة:]

اشتهرت في هذه الآية قراءة (أمّرنا مترفيها) على معنى أن الله سبحانه وتعالى إذا تعلّقت إرادته بإهلاك القرى؛ يسّر للمترفين والمفسدين سبيل تملكها والأمارة عليها، فيكون في ذلك خراب القرى وهلاكها، وهو سبب من الأسباب التي يقدمها الله عزّ وجلّ لإنفاذ إرادته.

وهذه القراءة على اشتهارها لم تحظ برتبة التواتر المطلوبة، على الرغم من أنها رويت عن اثنين من أصحاب التواتر وهما: عاصم، وأبو عمرو البصري، ولكن من غير طريق الشاطبي، وابن الجزري، فلم نتيقن تواترها إلى أحدهما، كما رويت أيضا عن ابن عباس، وأبي عثمان النهدي، وزيد بن علي، وأبي العالية، والحسن بن علي، ومحمد الباقر، ومجاهد بن جبر، ومحمد بن علي (١).

ولا شك أن هذا المعنى الذي دلّت له هذه القراءة يضيء جانبا من معانيها، وله في الاستدلال المنزلة ذاتها التي للأحاديث الموقوفة على الصحابة، وكذلك ما هو من كلام السلف الصالح في التفسير، ولكن لا يصحّ اعتقادها قرآنا، لعدم ثبوت التواتر بوجه يقيني.

وقد قدمت طرفا من توجيه هذه القراءة في صدر هذه المسألة (٢)، وقد سبق، ورود طرف.


(١) استقصى ذلك معجم القراءات القرآنية ٣/ ٣١٣.
(٢) انظر ٢٣٠.

<<  <   >  >>