للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختار ابن جرير الطبري أن العفو هو الفضل عن العيال (١)، ومثله قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان فضلا فعلى عياله، فإن كان فضلا فعلى ذي قرابته، فإن كان فضلا فهاهنا، وهاهنا» (٢).

[ثمرة الخلاف:]

تظهر ثمرة الخلاف في التوكيد على إنفاق العفو من المال، فهو في قراءة الرفع يحتمل الوجوب والاستحباب، وزادت عليه قراءة النصب بوروده بصيغة الأمر أي: أنفقوا العفو والأمر للوجوب، فيمكن القول إن القراءة الأولى أفادت طلب إنفاق العفو على سبيل الاستحباب، فيما أفادت الثانية طلب إنفاق العفو على سبيل الإيجاب.

ولا يخفى أن هذا التحرير محلّه غياب القرائن والناسخ، وهاهنا فإن ناسخ الوجوب قد ورد بتحديد أنصبة الزكاة المفروضة ومقاديرها فيبقى الأمر هنا على الاستحباب، والله أعلم.

[المسألة السابعة:]

قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ [البقرة: ٢/ ١٨٤].

قرأ نافع، وابن عامر، وأبو جعفر: (فدية طعام مساكين)، وقرأ الباقون: فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ (٣).

وكذلك فقد قرأ المدنيان وابن ذكوان: (فدية طعام) (٤).

وحجة نافع، وابن عامر في اختيار الجمع دون الإفراد قول الله سبحانه قبل ذلك: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ قال: إنما عرف عباده حكم من أفطر الأيام التي كتبت عليهم صومها بقوله: أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ


(١) تفسير الطبري ٢/ ٢١٨.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٣٠٥، وابن خزيمة في صحيحه، وأبو عوانة عن جابر. وأخرجه أبو داود في جامعه، كتاب العتاق، باب (٩).
(٣) تقريب النشر ٩٦. وعبارة طيبة النشر:
مسكين فاجمع لا تنون وافتحا ... عم ... ... ...
(٤) تقريب النشر لابن الجزري ٩٦. وانظر حجة القراءات لأبي زرعة ١٢٤.

<<  <   >  >>