للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني في المعاملات]

[المسألة الأولى:]

قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النّساء: ٤/ ٣٣].

قرأ الكوفيون (١): وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ. وقرأ الباقون: (والذين عاقدت أيمانكم) (٢).

وذهب الكوفيون إلى تقرير أن الأيمان هي التي عقدت بينهم فلا حاجة حينئذ لألف المفاعلة، واستدلّوا بما ورد عقب المعاقدة: أَيْمانُكُمْ، وقالوا: هي حجة على أن أيمان الطائفتين هي التي عقدت ما بينهما، وفي إسناد الفعل إلى الأيمان كفاية من الحجة (٣).

وقد أنكر القرطبي اختيار الكوفيين فقال: المعاقدة لا تكون إلا من اثنين فصاعدا، فبابها:

فاعل، ولم يلتفت إلى حجة الكوفيين (٤).

وأما باقي القرّاء فقد جعلوا حلف المعاقدة ثنويا، فكان لا بدّ من ألف المفاعلة، حتى يتحقق اشتراك اثنين، ونقل أبو زرعة أن هذا كان في الجاهلية، يجيء الرجل الذليل إلى العزيز فيحالفه ويعاقده ويقول له: «أنا ابنك، ترثني وأرثك، وحرمتي حرمتك، ودمي دمك، وثأري ثأرك»، فأمر الله عزّ وجلّ بالوفاء لهم، فهذا العقد لا يكون إلا بين اثنين (٥).


(١) وهو عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف.
(٢) تقريب النّشر لابن الجزري ١٠٥. وعبارة طيبة النّشر:
كالحجّ عاقدت لكوف قصرا ... ... ...
(٣) حجة القراءات لأبي زرعة ٢٠٢.
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٥/ ١٦٦.
(٥) حجة القراءات ٢٠٢.

<<  <   >  >>